نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : مؤيد الدين الجندي جلد : 1 صفحه : 287
وإن لم يكن عالما بحقيقة الإطلاق الذاتي المذكور الذي لله تعالى ، فهو جاهل بحقيقته تعالى وبالتنزيه الحقيقي الذي يقتضيه - تعالى - لذاته بتحكيم رأيه وفكره على ما وردت به الشريعة من أمره ف * ( ما قَدَرُوا الله حَقَّ قَدْرِه ِ ) * [1] ، وقدروا الإدراك العقليّ الفكريّ فوق طوره ، فافهم . قال الشيخ - رضي الله عنه - : « ولكن إذا أطلقاه وقالا به ، فالقائل بالشرائع المؤمن إذا نزّه ووقف عند التنزيه ، ولم ير غير ذلك ، فقد أساء الأدب ، وأكذب الحق والرسل - صلوات الله عليهم - وهو لا يشعر ، ويتخيّل أنّه في الحاصل وهو في الفائت ، وهو كمن آمن ببعض وكفر ببعض » . قال العبد : الجاهل الحقيقة الحقّ وصاحب سوء الأدب إذا أطلقاه في التنزيه ، واقفين على مقتضى معتقدهما من التنزيه ، ولم يشهدا سوى مشاهدهما المعيّنة ، فقد فقد كلّ واحد منهما الحق المطلق بمعلومه ، وحصره في مفهومه ، وأساء الأدب ، وأكذب الحقّ والرسل بالعجب والعجب ، لأنّه - تعالى - نزّه وشبّه وجمع بين التنزيه والتشبيه في أنّه واحدة فقال : * ( لَيْسَ كَمِثْلِه ِ شَيْءٌ ) * فنزّه * ( وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) * [2] فشبّه وهو جمع بينهما ، بل في نصف هذه الآية - وهو قوله : * ( لَيْسَ كَمِثْلِه ِ شَيْءٌ ) * - جمع بين التنزيه والتشبيه على قول من يقول منّا : إنّ الكاف في « كمثله » غير زائدة ، فإنّ فيه نفي مماثلة الأشياء لمثله ، فمثله [ هو ] المنزّه وهو إثبات للمثل المنزّه ، وهو عين التشبيه في عين التنزيه بمعنى أنّ المثل إذا نزّه فبالأولى أن يكون الحقّ منزّها عن كلّ ما ينزّه عنه مثله ، لأنّ تنزيه المثل المثبت في هذه الآية موجب لتنزيهه بالأحرى والأحقّ . وكذلك النصف الثاني مصرّحا بالتشبيه ظاهرا ، ولكنّه - عند التحقيق وتدقيق النظر الدقيق - عين التنزيه الحقيقي في صورة التشبيه وصيغته ، لأنّ قوله : * ( هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) * إثبات لخصيص أو لخصيصيّة بإثبات السميعية والبصيرية ، بمعنى أنّه لا سميع ولا بصير في الحقيقة إلَّا هو ، فهو السميع بعين كلّ سمع سميع ، والبصير بعين كلّ بصر بصير . فهو تنزيهه - تعالى - عن أن يشتركه غيره في السمع والبصر ، وهو حقيقة تنزيهه لنفسه وتنزيه المحقّقين ، فافهم .
[1] الحجّ ( 22 ) الآية 74 . وغير ذلك . [2] الشورى ( 42 ) الآية 11 .
287
نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : مؤيد الدين الجندي جلد : 1 صفحه : 287