نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : مؤيد الدين الجندي جلد : 1 صفحه : 245
مرآة لإنّيّتك العينية ، والعلم الحق مرآة لصورة عينك الغيبية الذاتية المعنوية ، وهويّتك الأزلية في شهودك [1] نفسك وعينك . وكذلك أنت مرآة للحق في تجلَّيه الوجودي ورؤيته وشهوده [2] بصور أسمائه ونسبه الذاتية وصفاته الربانية ، وليست هذه النسب إلَّا عينه لا غيره ، لكونها غير زائدة عليها ولا موجبة للكثرة ، وليست قادحة في وحدة وجوده العيني كما ذكرنا . فلمّا كان ظاهر الحق - وهو أنت - مجلى ومرآة لباطنه من وجه ، وفي شهوده ووجوده أيضا مرآة لظهور نسبه الغيبيّة التي هي فيها عينه من وجه آخر ، وكذلك أيضا هذه النسب مراء ومجال لتعيّنات الوجود الواحد ، فصدق على كل واحد من الحق والخلق أنّه مظهر وظاهر وشهادة ، فاختلط الأمر واشتبه على الناظر ، وخفي الشهود ، ودقّ الكشف ، وجلّ الأمر عن الضبط والإحاطة والحصر ، وعزّ التجلَّي ، فاقتضى في بعض المشاهد والمشارب الحيرة والعجز والهيمان ، فأقرّ صاحبه بالعجز ، واعترف بالجهل ، بمعنى أنّ العلم بما لا يعلم أنّه لا يعلم علم ، والعلم بعدم إحاطة العلم بما لا يحاط به علما علم حقيقي به كذلك ، فالعلم بما لا يعلم - وهو الجهل - بما من شأنه أنّه لا يحيط به العلم غاية العلم به ، وعدم الانحياز إلى جهة معيّنة فيما لا ينحصر فيها هو حقيقة حيرة الكمّل ، والتقاعد والعجز عن إدراك ما يعجز عن إدراكه هو غاية الإدراك ، كما قال أبو بكر - رضي الله عنه - : والعجز عن درك الإدراك إدراك ، فافهم . قال - رضي الله عنه - : « ومنّا من علم ولم يقل مثل هذا وهو أعلى القول ، بل أعطاه العلم السكوت ، ما [3] أعطاه العجز وهذا هو أعلى عالم بالله ، وليس هذا العلم إلَّا لخاتم الرسل وخاتم الأولياء ، وما يراه أحد من الأنبياء والرسل إلَّا من مشكاة الرسول الخاتم وما يراه أحد من الأولياء إلَّا من مشكاة الوليّ الخاتم » . قال العبد - أيّده الله به - : المتحقّق بهذا الشهود في هذا المقام من لا يكون عينه
[1] م : مشهودك ، مشهوده . [2] م : مشهودك ، مشهوده . [3] في بعض النسخ : كما أعطاه العجز .
245
نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : مؤيد الدين الجندي جلد : 1 صفحه : 245