نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : مؤيد الدين الجندي جلد : 1 صفحه : 235
العين الثابتة من جملة ذلك . وأعلى من هذا أن يكشف الله - تعالى - بعنايته الكاملة الذاتية لهذا العبد عن حضرة العلم وعالم المعاني ، فيشاهد الأعيان الثابتة ثابتة في عين الذات الغيبيّة والحقيقة المطلقة الكلَّية ، وثابتة في أرض المظهريات المحقّقة العلَّية ، ثبوتا أحديا علميّا وتعيّنا ذاتيّا غيبيا ، وإذا شاهد عينه الثابتة وأحوالها حواليها في أطوار الوجود وأقطار الشهود إلى ما لا يتناهى ، كان أخذ العلم بعينه الثابتة من المعدن الذي أحاط فيه به العلم الذاتي ، وهذا أكمل شهود في هذا المقام ، جعلنا الله وإيّاكم من أهله . قال - رضي الله عنه : « إلَّا أنّه من جهة العبد عناية من الله سبقت له ، هي من جملة أحوال عينه [ يعرفها صاحب هذا الكشف ، إذا أطلعه الله على ذلك ، أي على أحوال عينه ] الثابتة ، فإنّه ليس في وسع المخلوق - إذا أطلعه الله على ذلك أي على أحوال عينه الثابتة التي تقع صورة الوجود عليها - أن يطَّلع في هذا الحال على اطلاع الحق على هذه الأعيان الثابتة في حال عدمها ، لأنّها نسب ذاتية لا صورة لها ، فبهذا القدر نقول : إنّ العناية الإلهية سبقت لهذا العبد بهذه المساواة في إفادة العلم » . قال العبد - أيّده الله به - : لمّا بيّن - رضي الله عنه - أنّ هذا العبد الأكشف الأكمل الذي حصل علمه بنفسه وبعينه الثابتة بمنزلة المساواة لعلم الله بعينه الثابتة وأحوالها كذلك ، إنّما حصل عناية إلهية بهذا العبد وصدق قدم في علم قدم ، وهذه العناية الإلهية به أيضا من جملة أحوال عينه الثابتة التي اقتضتها - بخصوص استعدادها وقابليتها الخاصّة - أن يعلم ذلك كذلك ، فإنّ تعلَّق العناية إنّما يكون بحسب تعلَّق الإرادة الإلهية والمشيّة الربّانيّة ، والعناية إرادة حبّيّة بالمعتنى به لتكميله وتوصيله ، ثم تعلَّق المشيّة والإرادة أيضا بموجب تعلق العلم بعينه الثابتة له أزلا وأبدا ، فالخصوصيّات العينية والقابليات الذاتية هي أصل العناية الأزلية وهي قدم الصدق . وقوله - رضي الله عنه - : « فإنّه ليس في وسع المخلوق » تعقيب لكلامه الأوّل : « إمّا بإعلام الله . . . وإمّا بأن يكشف » يعني : لا يجمع لأحد بين الاطَّلاع على الأعيان الثابتة وأحوالها وبين الاطَّلاع على اطلاع الله بعلمه على هذه الأعيان ، لأنّه تعلَّق الشهود
235
نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : مؤيد الدين الجندي جلد : 1 صفحه : 235