نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : مؤيد الدين الجندي جلد : 1 صفحه : 134
وهبية وكشفية بالتجلَّي لا بالكسب والتعمّل ، فوجب أن تكون الوراثة الحقيقية كذلك وهبية لا نقلية ولا عقلية كذلك ، فيرث الوارث منّا العلم من المعدن الذي أخذ عنه النبيّ أو الرسول ، فليس العلم ما يتناقله الرواة بأسانيدهم الطويلة فإنّ ذلك منقول يتضمّن علوما لا يصل إلى حقيقتها وفحواها إلَّا أهل الكشف والشهود . والنبيّ الرسول إنّما أخذ العلم عن الله لا عن المنقول [ فالوارث الحقيقي إنّما هو في الأخذ عن الله لا عن المنقول [1] ] كما أشار إلى ذلك رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - بقوله : « ربّ مبلَّغ - بفتح اللام - أوعى من سامع » وبقوله : « ربّ حامل فقه إلى من هو أفقه منه » والناقل إنّما ينقل ألفاظا وعبارات حاملة معاني متشبّثة بها فحواها ، والمعنيّ بها العلم ، والمبلَّغ إليه منّا يفقه باطن المعنى المعنيّ ، والفحوى المطويّ في المنقول المرويّ ، والأكثر لا يفقهون ولا يعلمون ، والأقلّ الذي يفقه ذلك فهو منّا ، وداخل عنّا - بحكم التوسّع والمجاز لا بالتحقيق - ذاته إنّما أخذ العلم الحاصل له من الألفاظ لا من الحق ، فافهم ، ودقّق النظر فيه ، حتى لا يشتبه عليك ، وهذا فيمن يفقه والكلام في الحامل الذي لم يفقه ما يفقه وإن تقدّمنا بأزمنة متطاولة ، وإن لم يخل عن فهم وفقه بحسبه وبحسب استعداده . وبعد هذا التحقيق والتدقيق والمحاقّة فإنّ علم الأفقه المذكور في نصّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - مأخوذ من المنقول المحمول في عبارة الرسول ، وبهذا صدق عليه أنّه وارثه توسّعا ومجازا ، فإنّ الوراثة إنّما هي في العلم - المأخوذ عن الله - والحال والمقام ، وعلم الأفقه المذكور - بعد المسامحة - إنّما هو وراثة في العلم المودع في المنقول لا في حال الآخذ ومقامه . وإنّما خصّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - العلم في قوله : « وإنّما ورّثوا العلم » بالعلم بالله وبمضمون النبوّات وفحواها لعلمه - صلَّى الله عليه وسلَّم - بعدم علوم عموم المخاطبين سرّ الحال والمقام ذوقا إلَّا خواصّهم فراعى الأغلب ولأنّ العلم إذا كان مأخوذا عن الله ، فإنّه يتضمّن الحال والمقام ، فما كان مراده - صلَّى الله عليه وسلَّم - إلَّا العلم