أكملهم وأمته خير الأمم ومصدر قوله التوحيد الذاتي من مقام - * ( قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى فَأَوْحى إِلى عَبْدِه ما أَوْحى ) * - وهو المقام الأقدم المقوم لكل اسم ، فيفيض بقوله منه ما في كل اسم من المعاني والحقائق على كل استعداد ما يطلب بهمته ، وأما سائر الأنبياء فيفيض كل منهم بقوله ما في بعض الأسماء ، فعسى أن يكون في أمته من يطلب بهمته معنى لم يكن عند سائرهم فيقوم قوله بحاجة البعض دون البعض ، وأما نبينا صلى الله عليه وسلَّم فيقوم بمطلوب الكل فيكون قوله أقوم . ( أما بعد : فإنى رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلَّم في مبشرة أديتها في العشر الأخر من المحرم ، سنة سبع وعشرين وستمائة بمحروسة دمشق وبيده صلى الله عليه وسلَّم كتاب ، فقال لي : هذا كتاب فصوص الحكم خذه واخرج به إلى الناس ينتفعون به ، فقلت : السمع والطاعة لله ولرسوله وأولى الامر منا ) المبشرة في الأصل صفة الرؤيا ، وهي من الصفات الغالبة التي تقوم مقام الموصوف فلا يذكر معه الموصوف كالبطحاء فلا يقال رؤيا مبشرة كما لا يقال أرض بطحاء . قوله ( كما أمرنا ) أشار إلى قوله تعالى - * ( أَطِيعُوا الله وأَطِيعُوا الرَّسُولَ وأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ ) * - قوله ( فحققت الأمنية ) أي جعلت أمنيتى حقا كأنه كان يتمنى أن يأخذ من الرسول هذا العلم والإذن بإفشائه ، فإذا رأى هذه الرؤيا تحققت أمنيته ، إذ كان الكتاب الذي أعطاه في المنام صورة هذا العلم الذي فاض من روحه عليه الصلاة والسلام عليه ( وأخلصت النية وجردت القصد والهمة إلى إبراز هذا الكتاب كما حده لي رسول الله من غير زيادة ولا نقصان وسألت الله أن يجعلني فيه ) أي في هذا الكتاب ( وفي جميع أحوالى من عباده الذين ليس للشيطان عليهم سلطان ، وأن يخصني في جميع ما يرقمه بنانى وينطق به لسانى وينطوى جنانى بالإلقاء السبوحى والنفث الروحي ) أي يخصني فيما أكتب وأقول ، ويقع في قلبى بالخاطر الحقانى السبوحى من الحضرة الأحدية بلا واسطة وبواسطة الروح وهو الملك كما قال صلى الله عليه وسلم « نفث روح القدس في روعي أن نفسا لن تموت حتى تستكمل رزقها » والخواطر أربعة : الحقانى والملكي وهما اللذان سألهما في دعائه ، والشيطاني وهو الذي اعتصم باللَّه منه في قوله وأن يجعلني فيه وفي جميع أحوالى من عباده الذين ليس للشيطان عليه سلطان ، أي