لم يكن خليفة عليهم ، إذ ليس حينئذ عنده ما يحتاج إليه الرعايا ويطلبونه منه فلم يمكنه تدبيرهم ، فقوله فليس بخليفة عليهم جواب الشرط الثاني في الحقيقة لكن لما اعترض تعليل الشرط وهو قوله ( لأن استنادها إليه فلا بد أن يقوم بجميع ما يحتاج إليه ) بينه وبين الجزاء فانجر الكلام إلى توسط شرط آخر وهو قوله وإلا اكتفى بجواب أحدهما عن جواب الآخر لاشتراكهما في الجواب فيكون جواب الأول محذوفا لدلالة جواب الثاني عليه ، تقديره وإن لم يكن فيه جميع ما تطلبه الرعايا من الأسماء التي يرب الحق تعالى بها جميع من في العالم من الناس والدواب والأنعام وغيرها فليس بخليفة عليهم ، والاعتراض لبيان أن فيه مطالب جميع أجزاء العالم لأنها مقتضيات الأسماء الإلهية فيطلب ما في خزائن الأسماء من المعاني التي هي كمالاتها والأسماء كلها فيه كما مر فاستندت إليه فلا بد أن يقوم بكل ما يحتاج إليه ويعطيها مطالبها كلها ( وإلا ) أي وإن لم يقم بجميع ما يحتاج إليها ( فليس بخليفة عليهم ) ومن هذا ظهر معنى قوله ( فما صحت الخلافة إلا للإنسان الكامل فأنشأ صورته الظاهرة ) أي لما ثبت أن استحقاق آدم للخلافة إنما يكون بالصورتين أنشأ صورته الظاهرة ( من حقائق العالم وصوّره ) حيث جمع فيه الحقائق الكونية ، فلم يبق من صور العالم وقواه شيء إلا وفيه نظير ( وأنشأ صورته الباطنة على صورته تعالى ) فإنه سميع بصير عالم ، فيكون متصفا بالصفات الإلهية مسمى بأسمائه ( ولذلك قال فيه « كنت سمعه وبصره » وما قال كنت عينه وأذنه ففرق بين الصورتين ) أي صورة العالم وصورة الحق . قوله ( وهكذا هو في كل موجود ) أي وكما أن الحق في آدم ظاهر بصورته كذلك في كل موجود ( من العالم ) يظهر ( بقدر ما تطلبه حقيقة ذلك الموجود ) أي عينه باستعداده الأزلى ( لكن ليس لأحد ) أي لشيء من العالم ( مجموع ما للخليفة ) فإنه مظهر الذات مع جميع الصفات ، بخلاف سائر الأشياء وإلا لكان الكل مظهرا له ( فما فاز من بينهم إلا بالمجموع ) وإلا فكان الكل مظهرا له بقدر قبوله . قوله ( ولو لا سريان الحق في الموجودات بالصورة ) أي بصورته ( ما كان للعالم وجود ) فإن أصل الممكن عدم والوجود صورته تعالى ووجهه الباقي بعد فناء الكل ، فلو لم يظهر