إلى أن نسبة التحت إليه كما أن نسبة الفوق إليه في قوله - * ( يَخافُونَ رَبَّهُمْ من فَوْقِهِمْ ) * - وقوله - * ( وهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِه ) * - فله الفوق وله التحت ، ولهذا ما ظهرت الجهات الست إلا بالنسبة إلى الإنسان ، وهو على صورة الرحمن ) لما كانت نسبة الفوق والتحت إليه سواء فحفظه لعبده من تحته لا ينافي فوقيته فإنه بإحاطته فوقه وتحته ، وكونه على صورة الرحمن إحاطته بجميع الأسماء ، فإن الرحمن في جميع الجهات المتقابلة لاشتماله على جميع الأسماء المتقابلة ، و « ما » في كما نسبة زائدة كقوله - * ( فَبِما رَحْمَةٍ من الله ) * - ( ولا مطعم إلا الله ، وقد قال في حق طائفة - * ( ولَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ والإِنْجِيلَ ) * - ثم نكر وعمم فقال - * ( وما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ من رَبِّهِمْ ) * - فدخل في قوله - * ( وما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ من رَبِّهِمْ ) * - كل حكم منزل على لسان رسول أو ملهم ؟ ؟ ؟ - * ( لأَكَلُوا من فَوْقِهِمْ ) * - هو المطعم من الفوقية التي نسبت إليه - * ( ومن تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ ) * - وهو المطعم من التحتية التي نسبها إلى نفسه على لسان رسوله المترجم عنه عليه الصلاة والسلام ) هذا بيان الإحاطة وحفظه للعبد من جميع الجهات ، فإن الإحاطة والحفظ من الصفات الرحمانية ، ومن الحفظ الإطعام فإنه من الأمداد الرحمانية التي لو انقطعت لهلك العبد ، وقد قال الله تعالى - * ( لأَكَلُوا من فَوْقِهِمْ ومن تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ ) * - أي لو أقاموا ما في الكتب الإلهية وهيأوا الاستعداد لأطعمناهم من جميع الجهات ، والتحتية التي نسبها إلى نفسه على لسان رسوله وهو قوله « لو دليتم بحبل الله لهبط على الله » ( فلو لم يكن العرش على الماء ما انحفظ وجوده فإنه بالحياة ينحفظ وجود الحي ألا ترى الحي إذا مات الموت العرفي تنحل أجزاء نظامه وتنعدم قواه عن ذلك النظم الخاص ) يعنى إذا عدم الحي الحياة التي الماء صورتها انحلت أجزاء نظامه ، وذلك لأن الحرارة الغريزية التي بها حياة الحي إنما تنحفظ بالرطوبة الغريزية ، فحياة الحرارة أيضا بالرطوبة وهي صورة الماء فبفقدانه وجود الموت الذي هو افتراق أجزاء الإنسان ، وهذا مقدمات مهدها لبيان حال أيوب عليه السلام ثم عدل إلى قوله ( قال الله تعالى لأيوب - * ( ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هذا مُغْتَسَلٌ بارِدٌ ) * - يعنى لما كان عليه من إفراط حرارة الألم فسكنه ببرد الماء ، ولهذا كان الطب النقص من الزوائد ، والزيادة في الناقص ) يعنى طبه الله تعالى بنقص حرارة الألم وزيادة البرد والسلام منها ، فإن الآلام كانت نارا أوقدها الشيطان سبع سنين في أعضاء أيوب عليه السلام ، فشفاه الله منها بهذا الطب الإلهي ( والمقصود طلب الاعتدال ،