responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : الشيخ عبد الرزاق القاشاني ( الكاشاني )    جلد : 1  صفحه : 255


فقال داود : يا رب ألم يكن ذلك في سبيلك ؟ قال : بلى ولكنهم أليسوا عبادى ؟ قال : يا رب فاجعل بنيانه على يدي من هو منى ، فأوحى الله إليه : إن ابنك سليمان يبنيه ، فالغرض من هذه الحكاية مراعاة هذه النشأة الإنسانية وأن إقامتها أولى من هدمها ألا ترى عدو الدين قد فرض الله فيهم الجزية والصلح إبقاء عليهم ، قال - * ( وإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها وتَوَكَّلْ عَلَى الله ) * - ألا ترى من وجب عليه القصاص كيف شرع لولى الدم أخذ الدية أو العفو ، فإن أبى فحينئذ يقتل ، ألا تراه سبحانه إذا كان أولياء الدم جماعة فرضى واحد بالدية أو عفا ، وباقى الأولياء لا يريدون إلا القتل كيف يراعى من عفا ويرجح على من لم يعف فلا يقتل قصاصا ، ألا تراه عليه الصلاة والسلام يقول في صاحب النسعة « إن قتله كان مثله » ألا تراه تعالى يقول - * ( وجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها ) * - فجعل القصاص سيئة أي يسوء ذلك الفعل مع كونه مشروعا - * ( فَمَنْ عَفا وأَصْلَحَ فَأَجْرُه عَلَى الله ) * - لأنه على صورته ، فمن عفا عنه ولم يقتله فأجره على من هو على صورته ، لأنه أحق به إذ أنشاه له ، وما ظهر باسم الظاهر إلا بوجوده ) هذه الحكاية والأدلة كلها أوردها لرجحان العفو على القتل لأن الإنسان خلق على صورة الله ، وقد أنشأه الله لأجله فالإبقاء على صورة الله أولى ، وكيف لا يكون أولى وما ظهر الله بالاسم الظاهر إلا بوجوده ، وأما النسعة فإنها كانت لرجل وجد مقتولا ، فرأى وليه نسعته في يد رجل فأخذه بدم صاحبه ، فلما قصد قتله قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم « إن قتله كان مثله في الظلم » إذ لا يثبت القتل شرعا بمجرد حصول النسعة في يد آخر وكلاهما هدم بنيان الرب ، والنسعة : حبل عريض كالحزام ، وقد يكون من السير أو الفدم ؟ ؟ ؟ ( فمن راعاه ) أي الإنسان ( فإنما يراعى الحق ، وما يذم الإنسان لعينه وإنما يذم الفعل منه ، وفعله ليس عينه وكلامنا في عينه ولا فعل إلا لله ، ومع هذا ذم منها ما ذم وحمد ما حمد ) إذا أضيف الفعل إليه ( ولسان الذم على جهة العرض مذموم عند الله ) فإن ذم الصورة الإلهية راجع إلى ذم فاعلها الظاهر فيها لغرض يعود إلى نفس من يعلم أنه ينفعه أو يضره ، فإنه أراد أن ينفعه فضره ( فلا مذموم إلا ما ذمه الشرع ، فإن ذم الشرع لحكمة يعلمه الله ، أو من أعلمه الله كما شرع القصاص للمصلحة إبقاء لهذا النوع ، وإرداعا للمتعدى حدود الله فيه - * ( ولَكُمْ في الْقِصاصِ حَياةٌ يا أُولِي الأَلْبابِ ) * - وهم أهل لب الشيء الذين عثروا على سر النواميس الإلهية والحكمية ، وإذا علمت أن الله تعالى راعى هذه النشأة وراعى إقامتها فأنت أولى بمراعاتها إذ لك بذلك السعادة فإنه ما دام الإنسان حيا يرجى له تحصيل صفة الكمال الذي خلق له ، ومن سعى في هدمه فقد سعى في منع وصوله لما خلق له ، وما أحسن ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
« ألا أنبئكم بما هو خير لكم وأفضل من أن تلقوا عدوكم فتضربوا رقابهم ويضربوا رقابكم ذكر الله » ) والسر في ذلك أن الغزو إنما شرع لإعلاء كلمته ، وذكره إن كانت الدولة للمسلمين

255

نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : الشيخ عبد الرزاق القاشاني ( الكاشاني )    جلد : 1  صفحه : 255
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست