responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : الشيخ عبد الرزاق القاشاني ( الكاشاني )    جلد : 1  صفحه : 237


فكان آصف بن برخيا أتم في العمل من الجن ، وكان عين قول آصف بن برخيا عين الفعل في الزمان الواحد ، فرأى في ذلك الزمان بعينه سليمان عليه السلام عرش بلقيس مستقرا عنده لئلا يتخيل أنه أدركه وهو في مكانه من غير انتقال ) عالم الإنس . هو آصف بن برخيا ، وهو مع فنون علمه كان مؤيدا من عند الله معانا من عالم القدرة بإذن الله وتأييده ، أعطاه الله التصرف في عالم الكون والفساد بالهمة والقوة الملكوتية فتصرف في عرش بلقيس بخلع صورته عن مادته في سبإ ، وإيجاده عند سليمان ، فإن النقل بالحركة أسرع من ارتداد طرف الناظر إليه محال ، إذ النقل زمانى ، وحركة البصر نحو المبصر آنية لوقوع الإبصار في فتح البصر في وقت واحد ، فإذن ليس حصول عرش بلقيس عند سليمان بالنقل من مكان إلى مكان ولا بانكشاف صورته على سليمان في مكانه ، لقوله - * ( فَلَمَّا رَآه مُسْتَقِرًّا عِنْدَه ) * - فلم يبق إلا أنه كان بالتصرف الإلهي من عالم الأيدى والقدرة فكان وقت قول آصف - * ( أَنَا آتِيكَ به قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ) * - عين وقت انعدام العرش في سبإ وإيجاده عند سليمان ، وهذا التصرف أعلى مراتب التصرف الذي خص الله به من شاء من عباده وأقدره عليه ، وما كان ذلك إلا كرامة لسليمان حيث وهب الله تعالى لبعض أصحابه وأحد خاصته هذا التصرف العظيم وهو من كمال العلم بالخلق الجديد ، فإن الفيض الوجودي والنفس الرحمانى دائم السريان والجريان في الأكوان كالماء الجاري في النهر ، فإنه على الاتصال يتجدد على الدوام ، فكذلك تعينات الوجود الحق في صورة الأعيان الثابتة في العلم القديم لا يزال يتجدد على الاتصال ، فقد يخلع التعيين الأول الوجودي عن بعض الأعيان في بعض المواضع ، ويتصل به الذي يعقبه في موضع آخر ، وما ذلك إلا ظهور العين العلمي في هذا الموضع واختفاؤه في الموضع الأول مع كون العين بحاله في العلم وعالم الغيب .
ولما كان آصف عارفا بهذا المعنى معتنى به من عند الله مخصوصا منه بالتصرف في الوجود الكونى ، وقد آثر الله تعالى سليمان بصحته وآزره وقواه بمعونته إكراما له وإتماما لنعمته عليه في تسخير الجن والإنس والطير والوحوش ، وإعلاء القدرة وإعظاما لملكه سلط الغيرة على آصف فغار على سليمان وملكه الذي آتاه من أن يتوهم الجن أن تصرفهم الذي أعطاهم الله أعلى وأتم من تصرف سليمان وذويه ، فأعلمهم أن الملك والتصرف الذي أعطى على بعض أصحاب سليمان من خوارق العادات أعلى وأتم من الذي خص الجن به من الأعمال الشاقة الخارجة عن قوة البشر ، والخارق للعادة بحسب الفكر والنظر .
واعلم أن الجن أرواح قوية متجسدة في أجرام لطيفة يغلب عليها الجوهر الناري والهوائى

237

نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : الشيخ عبد الرزاق القاشاني ( الكاشاني )    جلد : 1  صفحه : 237
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست