أي حين أحيانا وأوجدنا بوجوده أحياه وأظهره الذي يعلمه في قلبى من حياته بحياتنا وظهوره بصورنا وسمعنا وبصرنا كما ذكرنا في قرب الفرائض ، ومنه قوله : سبحان من أودع ناسوته سر سنا لاهوته الثاقب ، ثم بدا في خلقه ظاهرا في صورة الآكل والشارب . < شعر > ( فكنا فيه أكوانا وأعيانا وأزمانا ) < / شعر > وكنا في الأزل قبل أن يوجدنا أكوانا في ذاته : أي كانت حقائقنا أعيان شئونه الذاتية الإلهية ، والوجود الحق مظهرا لنا ومجلى لتلك الأعيان ، فكنا فيه أكوانه الأزلية التي كان بنا ، ولم نكن معه لكوننا عين كونه الذي كان ، ولم نكن في غيب العالم الأزلى وكذلك في الوجود العيني أحيانا ، وكوننا بأن كان سمعنا وبصرنا وقوانا وجوارحنا ، وفي الجملة أعياننا في قرب النوافل فكنا سمعه وبصره ولسانه وأعيان أسمائه وأكوانه في قرب الفرائض . وأما كوننا أزمانا فيه فلتقدم الدهر بتقدم بعضنا على بعض وتأخر بعضنا عن بعض في الوجود والمرتبة ، فإن كل متنوع منا وملزوم من أحوالنا يتقدم في الوجود والمرتبة والشرف تابعة ولازمة ، فكنا في الحق أزمانا بالتقدم والتأخر في المظهرية ، وصار امتداد النفس الرحمانى بنا أنفاسا وأوقاتا وامتداد الدهر أزمانا . < شعر > ( وليس بدائم فينا ولكن ذلك أحيانا ) < / شعر > أي وليس ذلك القرب أي قرب الفرائض والنوافل دائما فينا ولكن أحيانا ، لقوله عليه الصلاة والسلام « لي مع الله وقت لا يسعني فيه ملك مقرب ولا نبى مرسل » وقول زين العابدين : لنا وقت يكوننا فيه الحق ولا يكوننا ، وهو زمان على حقيقة الإنسان الكامل على خلقه . ( ومما يدل على ما ذكرناه في أمر النفخ الروحاني مع صورة البشر العنصري هو أن الحق وصف نفسه بالنفس الروحاني ، ولا بد لكل موصوف بصفة أن يتبع الصفة جميع ما تستلزمه تلك الصفة ، وقد عرفت أن النفس في المتنفس ما يستلزمه فلذلك قبل النفس الإلهي صور العالم فهو لها كالجوهر الهيولاني وليس إلا عين الطبيعة ) النفس الرحمانى : هو فيضان وجود