إلى الله وبقي عنده في الصورة الروحانية المثالية ، وقد مر أن الفعل والتأثير لا يكون إلا لله ، فلهذا كان الإحياء لله عند نفخ عيسى والكلمة لله عند نفخ جبريل ( فكان إحياء عيسى للأموات إحياء محققا من حيث ما ظهر من نفخه ) أي من حيث حصول الإحياء عند نفخه ظاهرا رأى عين فتصح إضافة الإحياء إليه بشاهد الحق عرفا وعادة وتحقيقا أيضا ، لأن هويته هو الله وهو أحدية جمع اللاهوت والناسوت والروحية والصورية ، فيضاف حقيقة من حيث حقيقته اللاهويته ( كما ظهر هو عن صورة أمه ) أي في المعتادة من ولادة الأولاد ، بهذا الوجه أضيف إلى أمه ونسب إليها فقيل فيه إنه عيسى بن مريم ، وهكذا إضافة الإحياء إلى الصورة العيسوية النافخة للأحياء ( وكان إحياؤه أيضا متوهما أنه منه وإنما كان لله ) وفي نسخة : وإنما كان من الله وهو أصح ( فجمع ) أي الإحياء المحقق والمتوهم ( بحقيقته التي خلق عليها كما قلناه إنه مخلوق من ماء متوهم وماء محقق ، ينسب إليه الإحياء بطريق التحقيق من وجه ، وبطريق التوهم من وجه فقيل فيه من طريق التحقيق - ف * ( تُحْيِ الْمَوْتى ) * - وقيل فيه من طريق التوهم - * ( فَأَنْفُخُ فِيه فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ الله ) * - فالعامل في المجرور يكون لا تنفخ ، ويحتمل أن يكون العامل فيه تنفخ فيكون طائرا من حيث صورته الجسمية ) أي لما كان أصل خلقته من ماء محقق وماء متوهم ظهر ذلك في فعله فنسب إليه الإحياء من الوجهين بطريق التحقيق وطريق التوهم ، لأن الفعل فرع على أصل تكوينه فقيل في حقه في الكلام المعجز ما يدل على الوجهين : أما من طريق التحقيق فقوله - فتحى الموتى - وأما من طريق التوهم - * ( فَأَنْفُخُ فِيه فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ الله ) * - على أن العامل في بإذن الله يكون لا تنفخ فيه فيكون الموجب لكونه طيرا إذن الله ، وأمره لا نفخ عيسى ، وإن جعلنا العامل تنفخ كان الموجب لكونه طيرا هو نفخ عسى بإذن الله ، وكان طيرا من حيث أن صورته الجسمية الحسية صورة طير لا طير بالحقيقة . واعلم أن الإذن هو تمكين الله للعبد من ذلك وأمره به ، فيكون عين العبد المأذون له في إيجاد المأمور والخارق العادة التي لا تنسب إلا إلى الله في العادة فحشا 7 معينا بها في الأزل مختصة بذلك الاستعداد علم الله تعالى أن يفعل ذلك عند وجوده وحكم به فيكون حكمه بذلك هو الإذن ، وتمكين عينه الثابتة في الأزل باستعدادها الذاتي هو عناية الله في حقه ، والله أعلم ( وكذلك تبرئ ؟ الأكمه والأبرص وجميع ما ينسب إليه وإلى إذن الله وإذن الكناية في مثل قوله بإذنى وإذن الله ، فإذا تعلق المجرور بتنفخ فيكون النافخ مأذونا له في النفخ ويكون الطائر عن النفخ بإذن الله ، وإذا كان النافخ نافخا لا عن الإذن فيكون التكوين للطائر طائرا بإذن الله فيكون العامل عند ذلك يكون ، فلو لا أن في الأمر توهما وتحققا ما قبلت هذه الصور هذين الوجهين ، بل لها هذان الوجهان ، لأن النشأة العيسوية تعطى ذلك ) هذا غنى عن الشرح ومعلوم مما مر . ( وخرج عيسى من التواضع إلى أن شرع لأمته أن يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ،