وفي نسخة : لتكوين ، أي الله خاصة طهر جسمه عن الأقذار الطبيعية ، فإنه روح متجسد في بدن مثالى روحانى ولذلك بقي مدة مديدة زائدة على ألف في زماننا هذا ، ومن الهجرة سبعمائة وثلاثون بثلاثمائة وستة وثلاثين ، فإن من ميلاد النبي إلى زماننا هذا سبعمائة وإحدى وثمانين سنة ، وذلك إما من صفاء جوهر طينته ولطافتها وصفاء طينة أمه وطهارتها ، ونزه روحه وقدسه من التأثر بالهيئات الطبيعية والصفات البدنية لتأيده بروح القدس الذي هو على صورته ، ولهذا ما قتل وما صلب كما أخبر الله عنه لتجرده عن الملابس الهيولانية ، وصيره مثلا له بتكوين الطير من الطين وتكوين الأعراض من الحياة والصحة في الموتى والمرضى في نشأته الأولى ، وبكونه خليفة الله وخاتم الولاية في نشأته الثانية أي مثله في الصفات ، أو صيره مثل الخلق في الصورة بتكوينه تعالى إياه من الطبيعة الجسمانية . ( اعلم أن من خصائص الأرواح أنها لا تطأ شيئا إلا حيى ذلك الشيء وسرت الحياة فيه ولهذا قبض السامري قبضة من أثر الرسول الذي هو جبريل وهو الروح وكان السامري عالما بهذا الأمر فلما عرف أنه جبريل عرف أن الحياة قد سرت فيما وطئ عليه فقبض قبضة من أثر الرسول بالضاد أو بالصاد أي بملء يده أو بأطراف أصابعه فنبذها في العجل فخار العجل ، إذ صوت البقر إنما هو خوار ، ولو أقامه صورة أخرى لنسب إليه اسم الصوت الذي لتلك الصورة كالرغاء للإبل ، والثؤاج للكباش ، واليعار للشياه ، والصوت للإنسان أو النطق أو الكلام ) لما كانت الحياة للروح ذاتية لأن الروح من نفس الرحمن لم يؤثر في جسم إذ لم يباشره بالصورة المثالية إلا ظهر فيه خاصية الحياة وأثر من آثارها بحسب صورة ذلك الجسم ، فإن كان ذا مزاج معتدل قابل للحياة ظهر فيه الحس والحركة وجميع خواص الحياة بحسب المزاج المخصوص ، وإن لم يكن ظهر فيه أثر من الحياة بحسب صورته كالخوار لصوت البقر ، وكلما كان الروح أقوى كان تأثيره أقوى وأشد وخاصيته أظهر ، وجبريل عند أهل العرفان هو الروح الكلى المسلط على السموات السبع وما تحتها من العناصر والمواليد ومحل سلطنته السدرة المنتهى وهي صورة نفس الفلك السابع ، وكل ما في المرتبة العالية من الأرواح فهو مؤثر في جميع ما في المراتب السافلة التي تحتها فأرواح سائر الأفلاك التي تحت السابع كأعوانه وقواه . وأما روح فلك القمر الذي سماه الفلاسفة العقل الفعال ، فالعرفاء يسمونه إسماعيل ، وهو ليس بإسماعيل النبي عليه السلام بل ملك مسلط على عالم الكون والفساد من أعوان جبريل وأتباعه ، وليس له حكم فيما فوق فلك القمر ، كما لا حكم لجبريل فيما فوق السدرة فظهر جبريل في الصورة المثالية على الحيزوم الذي هو أيضا صورة متمثلة من الروح الحيواني سرى في التراب الذي وطئ عليه فسرت فيه قوة الحياة المتعدية