كلها ، وجميع مراتب الوجود العلوية والسفلية بأحدية الجمع التي ناسب لها حقيقة الحقائق ، وهي الجمعية المذكورة إذ لا شيء في النشأتين إلا وهو موجود فيه أي لا مرتبة في الوجود إلا وشيء منها فيه فناسب وجود الكل مؤانسا به ، فسمى إنسانا لأنه عالم صغير ، والعالم يسمى إنسانا كبيرا ، أو باعتبار آخر ( وهو ) أنه ( للحق بمنزلة إنسان العين من العين الذي به يكون النظر وهو المعبر عنه بالبصر ) لأن الله تعالى نظر به إلى الخلق فرحمهم ( فلهذا سمى إنسانا ) أيضا . والمعنى أنه المقصود من خلق العالم لأنه الحامل للسر الإلهي وأمانته أي معرفته والمقصود من الكل معرفته ، كما قال « فأحببت أن أعرف فخلقت الخلق » فلو لا محبة المعرفة لم يخلق الخلق فلا يعرفه من العالم إلا الإنسان فلو لا الإنسان العارف باللَّه لم يخلق العالم فالعالم تابع لوجوده ( فإنه به نظر الحق إلى خلقه فرحمهم ) أي فهو الذي نظر به إلى الخلق الموقوف هو عليهم فرحمهم بالإيجاد ( فهو الإنسان الحادث ) بجسده ( الأزلى ) بروحه ( والنشء الدائم الأبدى ) بحقيقته الجامعة بجسمانيته وروحانيته لأنه إذا انتقل من هذا العالم إلى الآخرة يعمر الآخرة في النشأة الثانية ( والكلمة الفاصلة ) أي المميزة للحقائق ( الجامعة ) لعموم نشأته كما ذكر ( فتم العالم بوجوده ) لمظهريته أسماءه كلها . قوله ( فهو من العالم كفصّ الخاتم من الخاتم وهو محل النقش والعلامة التي بها يختم الملك على خزائنه ) معلوم من المقدمة الثالثة ( وسماه خليفة لأجل هذا ) أي لأن نقش اسمه الأعظم وهو الذات مع الأسماء كلها منقوش في قلبه ، الذي هو فص الخاتم فيحفظ به خزانة العالم بجميع ما فيه على النظام المعلوم والفسق المضبوط ( لأنه الحافظ خلقه كما يحفظ بالختم الخزائن ) أي لأن الإنسان الكامل هو الحافظ خلق الله بالحكمة الأحدية والواحدية الأسمائية البالغة التي هي نقش قلبه وهي العدالة أعنى صورة الواحدة في عالم الكثرة الذي هو خزانة القوابل والآلاء كلها كما يحفظ الختم الخزائن ( فما دام ختم الملك عليها لا يجسر أحد على فتحها إلا بإذنه ) لأن الختم صورة الجمعية الإلهية والعلامة التي هي نقش الفص هو الاسم الأعظم فلا يجسر أحد من خصوصيات طبائع العالم التي هي الأسماء الفاصلة على فتحها إلا بإذن خاص من الله على مقتضى حكمته ( فاستخلفه في حفظ العالم ) لأنه مظهر الأحق الأعظم والله باطنه فيحفظ بإذنه وما جعل في يده من المفاتيح الأسمائية صورة العالم ( فلا