الحق المطلق بإطلاقه فيفنى فيه الكل فلا يحس به ، وقوله : هذا وسع أبى يزيد ، ليس بطعن فيه ، بل أراد أن أبا يزيد مع تعينه الكلى نظر إلى عالم الأجسام بالفناء ، فلو نظر بعين الله لقال مثل ذلك ، ولكنه عين عالم الأجسام بالنسبة إلى المحجوبين بالأكوان ، وعلل الشيخ ما قال بقوله ( فإنه قد ثبت أن القلب وسع الحق ومع ذلك ما اتصف بالري ، فلو امتلأ ارتوى ، وقد قال ذلك أبو يزيد ) إشارة إلى قول أبى يزيد : بل الرجل من يتحسى بحار السموات والأرض ولسانه خارج يلهث عطشا ، وقوله : < شعر > شربت الحب كأسا بعد كأس فما نفد الشراب وما رويت < / شعر > والمراد أن تجليات الحق في الظاهر والباطن لا يرتوى بها العارف ، لأنه لا يحس بها من حيث التعين ، بل يشاهد الجمال المطلق الغير المتناهي تجلياته ( ولقد نهنا على هذا المقام بقولنا : < شعر > يا خالق الأشياء في نفسه أنت لما تخلقه جامع تخلق ما لا ينتهى كونه فيك فأنت الضيق الواسع ) < / شعر > لما كان كل ما وجد وجد بوجوده كان الكل فيه ، وهو الجامع لما يتناهى من خلقه في ذاته ، فلا وجود لغيره وهو بأحديته موجود في كل واحد جامع للكل ، فهو الضيق في كل واحد الواسع لكل ما وجد وما يوجد إلى ما لا يتناهى بأحديته الجامع لجميع الجميع . < شعر > ( لو أن ما قد خلق الله ما لاح بقلبي فجره الساطع من وسع الحق فما ضاق عن خلق فكيف الأمر يا سامع ) < / شعر > في البيت الأول تقديم وتأخير ، أي لو أن ما خلق الله بقلبي ما لاح فجره ، أي ما ظهر نوره الساطع ، أي المرتفع الذي وسع المخلوقات كلها بفنائه مع الكل في الله ، والأولى أن يكون الضمير في فجره عائدا إلى ما خلق الله ، أي ما يفنى من وجوده أثر لقيامه من وسع