المسلمة الفانية في الله الباذلة بروحها لوجه الله ، لسلامة نفسه واستسلامه للذبح والفناء في الإنسان ، فإنه خلق مستسلما للذبح فحسب ، بخلاف البدن فإن المقصود الأعظم منها الركوب وحمل الأثقال ، وأما الحلب فتابع لكونهما مأكولين والنظم إلى المقصود الأعظم : < شعر > ( فيا ليت شعرى كيف ناب بذاته شخيص كبيش عن خليقة رحمن ) < / شعر > تحريض على معرفة سر مناسبته للإنسان الفاني في الله : < شعر > ( ألم تدر أن الأمر فيه مرتب وفاء لإرباح ونقص لخسران ) < / شعر > يعنى أن الأمر في الفداء مرتب ، فإن الفداء صورة الفناء في الله ، وأعظم الفداء فداء النفس في سبيل الله ، كما قال عليه الصلاة والسلام ، حين تحقق بالفناء الكلى في الله « وددت أن أقاتل في سبيل الله فأقتل ، ثم أحيا ثم أقاتل فأقتل ، ثم أحيا ثم أقاتل فأقتل ، ثلاث مرات » وقال تعالى - * ( إِنَّ الله اشْتَرى من الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ في سَبِيلِ الله فَيَقْتُلُونَ ويُقْتَلُونَ ) * - فإن الفداء بالنفس صورة الفناء المطلق ، وهو وفاء بعهد التوحيد لإرباح هي الحق بالذات والصفات والأفعال ، كما قال في قرب الفرائض « من طلبنى فقد وجدنى ، ومن وجدنى فقد عرفني ، ومن عرفني فقد أحبنى ومن أحبنى فأنا قتلته ومن قتلته فعلى ديته ، ومن على ديته فأنا ديته » أو نقص كالفداء بالمال والصفات ، فإنه خسران بما بقي منه ، وقوله . وفاء خبر مبتدإ محذوف أي هو وفاء والضمير للأمر أو الفداء ، فذبح الكبش هو الوفاء لمناسبته للنفس المسلمة حق الإسلام ، المستسلمة للفناء كما ذكر ، فهو أنسب وأعلى من البدن ومن الحيوان الإنسان ، لقوة استسلامه للفناء وعدم تأبيه كما يأتى بعده ، أو الأمر في الحق مرتب وفاء بالفناء فيه بالذات لإرباح من البقاء به بالذات والصفات والأفعال ، ونقص بالظهور بالأنانية للخسران بالاحتجاب عن الحق ، فإن كل ما انقاد لأمر الله مطلقا ولم يظهر بالأنانية أصلا كالجماد كان أعلى رتبة من الموجودات لوجوده باللَّه وانقياده لأمره مطلقا وعدم ظهوره بنفسه وأنانيته ، ثم النبات ثم الحيوان الأعجم من الآدمي ، ومن الحيوان كل ما هو أشد انقيادا لأمر الله كان أعلى ، فالكبش أعلى من البدن لزيادة انقياده واستسلامه ، وأما تفدية عبد المطلب بالبدن ، فللنظر إلى القيمة وشرف الصورة الإلهية ،