فيدعوه بها في الرحمة من حيث دلالتها على الذات المسماة بذلك الاسم لا غير ) أي الله مطلقا ( لا بما مدلول ذلك الاسم الذي ينفصل به عن غيره ويتميز فإنه لا يتميز عن غيره وهو عنده دليل الذات ) أي ذات الله من حيث هي لا باعتبار المعنى الخاص المميز ( وإنما يتميز به بنفسه عن غيره لذاته ) أي لخصوصية ذات الاسم الخاص ( إذ المصطلح عليه بأى لفظ كان حقيقة متميزة بذاتها عن غيرها ، وإن كان الكل قد سيق ليدل على عين واحدة مسماة ، فلا خلاف في أنه لكل اسم حكم ليس للآخر ، فذلك أيضا ينبغي أن يعتبر كما يعتبر دلالتها على الذات المسماة ، ولهذا قال أبو القاسم بن قسى في الأسماء الإلهية : إن كل اسم على انفراده مسمى بجميع الأسماء الإلهية كلها ، إذا قدمته في الذكر نعته بجميع الأسماء ، وذلك لدلالتها على عين واحدة وإن تكثرت الأسماء عليها واختلفت حقائقها أي حقائق تلك الأسماء ، ثم إن الرحمة تنال عن طريقين : طريق الوجوب ، وهو قوله - * ( فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ ويُؤْتُونَ الزَّكاةَ ) * - وما قيدهم به من الصفات العلمية والعملية ، والطريق الآخر الذي تنال به الرحمة طريق الامتنان الإلهي الذي لا يقترن به عمل ، وهو قوله - * ( ورَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ) * - ومنه قيل - * ( لِيَغْفِرَ لَكَ الله ما تَقَدَّمَ من ذَنْبِكَ وما تَأَخَّرَ ) * - ومنها قوله « اعمل ما شئت فقد غفرت لك » فاعلم ذلك ) رحمة الامتنان ذاتية تنال الأشياء كلها لأنها ليست في مقابلة عمل ، فكل ما تناولته الشيئية تناله هذه الرحمة ، وبهذه الرحمة استظهار الأبالسة والفراعنة والكفرة والسحرة ، والله المنان وعليه التكلان . ( 22 ) فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية إنما خصت الكلمة الإلياسية بالحكمة الإيناسية ، لأنه عليه السلام قد غلب عليه الروحانية والقوة الملكوتية حتى ناسب بها الملائكة وأنس بهم ، وقد آنسه الله بغلبة النورية بالطائفتين الملائكة والإنس ، وخالط الفريقين وكان له منهما رفقاء يأنس بهم ، وبلغ من كمال الروحانية مبلغا لا يؤثر فيه الموت كالخضر وعيسى عليه السلام . ( إلياس : هو إدريس عليه السلام ، كان نبيا قبل نوح ورفعه الله مكانا عليا فهو