responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : الشيخ عبد الرزاق القاشاني ( الكاشاني )    جلد : 1  صفحه : 173


فلما كملت الثلاثة صح الاستعداد فظهر كون الفساد فيهم فسمى ذلك الظهور هلاكا ، فكان اصفرار وجوه الأشقياء في موازنة إسفار وجوه السعداء ، في قوله تعالى - * ( وُجُوه يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ ) * - من السفور وهو الظهور ، كما كان الاصفرار في أول يوم ظهور علامة الشقاء في قوم صالح ، ثم جاء في موازنة الاحمرار القائم بهم قوله تعالى في السعداء - * ( ضاحِكَةٌ ) * - فإن الضحك من الأسباب المولدة لاحمرار الوجوه فهي في السعداء احمرار الوجنات ، ثم جعل في موازنة تغيير بشرة الأشقياء بالسواد قوله تعالى - * ( مُسْتَبْشِرَةٌ ) * - وهو ما أثره السرور في بشرتهم كما أثر السواد في بشرة الأشقياء ، ولهذا قال في الفريقين - * ( بِالْبُشْرى ) * - أي يقول لهم قولا يؤثر في بشرتهم فيعدل بها إلى لون لم تكن البشرة تتصف به قبل هذا ، فقال في حق السعداء - * ( يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْه ورِضْوانٍ ) * - وقال في حق الأشقياء * ( فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ ) * - فأثر في بشرة كل طائفة ما حصل في نفوسهم من أثر هذا الكلام ، فما ظهر عليهم في ظواهرهم إلا حكم ما استقر في بواطنهم من المفهوم ، فما أثر فيهم سواهم ، كما لم يكن التكوين إلا منهم - * ( فَلِلَّه الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ ) * - فمن فهم هذه الحكمة وقررها في نفسه وجعلها مشهودة له أراح نفسه من التعلق بغيره ، وعلم أنه لا يؤتى عليه بخير ولا بشر إلا منه ، وأعنى بالخير ما يوافق غرضه ويلائم طبعه ومزاجه ، وأعنى بالشر ما لا يوافق غرضه ولا يلائم طبعه ولا مزاجه ، ويقيم صاحب هذا الشهود معاذير الموجودات كلها عنهم ، وإن لم يعتذروا ويعلم أنه منه كان كل ما هو فيه كما ذكرناه أولا في أن العلم تابع للمعلوم ، فيقول لنفسه إذا جاءه ما لا يوافق غرضه : يداك أوكتا وفوك نفخ ، والله يقول الحق وهو يهدى السبيل ) كله ظاهر غنى عن الشرح .
( 12 ) فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية إنما خصت هذه الكلمة الشعيبية بالحكمة القلبية لأن الغالب على شعيب عليه الصلاة والسلام الصفات القلبية ، من الأمر بعدل وإيفاء الكيل والوزن بالقسط ، والقلب هو مظهر العدل وصورة أحدية الجمع بين الظاهر والباطن واعتدال البدن وعدالة النفس ، ومنه يصل الحياة والفيض إلى جميع الأعضاء على السوية بمقتضى العدل ، وله أحدية جميع القوى الروحانية والنفسانية ، ومنه تنشعب هذه القوى بالقسطاس المستقيم ويتوزع على عضو عضو بمقتضى استعداده وقوة قبوله ، ويأتيه المدد إليها دائما على نسبة محفوظة القدر بالعدل ، وله إيفاء كل ذى حق ، وقد استفاد موسى عليه السلام علم الصحبة والسياسة والخلوة والجلوة ومقام الجمع والفرق منه عليه الصلاة والسلام ، وكلها من القلب القائم بالعدل ومراعاة أحكام الوحدة في الكثرة ، ولا يقوم بأحكام العالمين في الوجود إلا القلب ، ولهذا كان محل المعرفة دون غيره .

173

نام کتاب : شرح فصوص الحكم نویسنده : الشيخ عبد الرزاق القاشاني ( الكاشاني )    جلد : 1  صفحه : 173
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست