نام کتاب : رسائل إخوان الصفاء وخلان الوفاء نویسنده : إخوان الصفاء جلد : 1 صفحه : 368
جميع أخلاقهما وسجاياهما كالجنود والأعوان والخدم والعبيد للنفس الناطقة مسوسين بسياسة عادلة جارية على هذا السداد كما رسم في الشريعة الوضية أوفي الموجبات العقلية فأكون عند ذلك قد فعلت ما وصاني به ربي بقولي وفعلي بقوله : " إن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه " الآية وقال لنبيه - عليه السلام - : " قل هذه سبيلي أدعو إلى الله " الآية . فلما تبين لي ما ذكرت وعرفت حقيقة ما وصفت نظرت عند ذلك في أحوالي وتفكرت في تصاريف أموري فوجدت بنية هيكلي مركبة من أخلاط ممتزجة متضادة القوى مركوزة فيها شهوات مختلفة فتأملها فإذا هي كأنها نيران كامنة في أحجار كبريتية ووجدت وقودها هي المشتهيات من ملاذ الدنيا ونعيمها ووجدت اشتعال تلك النيران عند الوقود كأنها حريق لا يطفأ ولهب لا يخمد أو كأمواج بحر متلاطمة أو رياح عاصفة تدمر كل شيء أو كعساكر أعداء حملت في غارة وذلك أني وجدت حرارة شهوات المأكولات والمشروبات في نفسي عند هيجان نار الجوع والظمأ كأنها لهب النيران التي لا تطفأ ووجدت نفسي الشهوانية عند الأكل والشرب من الشره كأنها كلاب وقعت على جيف تنهش ووجدت حرارة الحرص في نفسي عند هيجان نار الطمع كأنها حريق تلهب الدنيا كلها ووجدت نفسي عند ذلك كأنها وعاء لا يمتلئ من جميع ما في الدنيا من المتاع ووجدت حرارة الغضب في نفسي الحيوانية عند هيجان نار الحركة كأنها حريق ترمي بشرر كالقصر ورأيتها عند هيجان حرارة نار الافتخار والمباهاة كأنها خير خليقة الله وأشرفهم ورأيتها عند هيجان نار حرارة شهوة الرياسة وتملكها لها كأن الناس كلهم عبيد لها وخول ورأيتها عند هيجان حرارة نار شهوة الكرامة وطلبها كأنها دين لازم حال ورأيتها عند هيجان نار طلب خدمة خولها كأنها ترى الطاعة لها حتماً فريضة كالطاعة لله وكالحتم والفريضة ورأيتها عند قضاء ما يجب عليها من حق من حقوق غيرها متوانية في تأديته
368
نام کتاب : رسائل إخوان الصفاء وخلان الوفاء نویسنده : إخوان الصفاء جلد : 1 صفحه : 368