responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : رسائل إخوان الصفاء وخلان الوفاء نویسنده : إخوان الصفاء    جلد : 1  صفحه : 332


وأما أشقياء الدنيا وسعداء الآخرة فهم الذين طالت أعمارهم فيها وكثرت مصائبهم في تصاريف أيامها واشتدت عنايتهم في طلبها وفنيت أبدانهم في خدمة أهلها وكثرت همومهم من أجلها ولم يحظوا بشيء من نعيمها ولذاتها وائتمروا بأوامر الناموس ولم يتعدوا حدوده وقد ذكر الله ذلك في آيات كثيرة من القرآن : " إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب " .
وأما أشقياء الدنيا والآخرة فهم الذين بخسوا حظهم من الدنيا ولم يمكنوا منها وشقوا في طلبها فعاشوا فيها طول أعمارهم بأبدان متعوبة ونفوس مهمومة ولم ينالوا خيراً ثم لم يأتمروا بأوامر الناموس ولم ينقادوا لأحكامه وتجاوزوا حدوده ولم يتعظوا بزواجره ولم يعملوا في عمارة بنيانه ولا في حفظ أركانه فهم الذين خسروا الدنيا والآخرة جميعاً ذلك هو الخسران المبين .
فصل وإذ قد تبين بما ذكرنا بأقسام عقلية أنه لا يخلو أحد من الناس من أن يكون داخلاً في أحد تلك الأقسام الأربعة فنريد أن نذكر أخلاق أبناء الدنيا وطباعهم وأخلاق أبناء الآخرة وسجاياهم ليعرف الفرق بينهم .
أعلم يا أخي - أيدك الله وإيانا بروح منه - بأن أخلاق بني الدنيا هي التي ركزتها الطبيعة في الجبلة من غير كسب منهم ولا اختيار ولا فكرة ولا روية ولا اجتهاد ولا كلفة فهم يسعون فيها ويعملون عليها مثل البهائم في طلب منافع الأجساد ودفع المضرة عنها كما قال الله تعالى ذكره : " يأكلون كما تأكل النعام والنار مثوى لهم . " وأما أخلاق أبناء الآخرة فهي التي اكتسبوها باجتهادهم إما بموجب العقل والفكر والروية وإما باتباع أوامر الناموس وتأديبه كما سنبين وتصير عند ذلك عادة لهم بطول الدؤوب

332

نام کتاب : رسائل إخوان الصفاء وخلان الوفاء نویسنده : إخوان الصفاء    جلد : 1  صفحه : 332
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست