نام کتاب : جامع الأسرار ومنبع الأنوار نویسنده : سيد حيدر آملي جلد : 1 صفحه : 319
فقد بيّن جهته ومن بيّن جهته ، فقد عيّن [1] حيّزه ومن حيّزه ، أبطل أزله وجعله جسما وجسمانياًّ - تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا . ( 623 ) فأحسن الوجوه في ذلك وأعلى البراهين فيه ، أنّه يقال كما قال أعلم الخلق به بعد نبيّنا - صلَّى الله عليه وآله وسلَّم - في قوله عقيبه « عالم إذ لا معلوم وربّ إذ لا مربوب وقادر ، إذ لا مقدور » لانّ المراد به أنّه ليس عالميّته باعتبار المعلوم ، ولا ربوبيّته باعتبار المربوب ، ولا قادريّته باعتبار المقدور . بل كان عالما وربّا وقادرا قبل المعلومات المحكيّة الموجودة ، والمربوبات المترتّبة عليها ، والمقدورات الصادرة بمقتضياتها ، وان لم تظهر الربوبيّة الا بالمربوب ، والقادريّة الا بالمقدور ، والعالميّة الا بالمعلوم . وهذا أيضا إشارة إلى وحدته الذاتيّة وعدم الغير عن الوجود مطلقا ، حتّى المربوبيّة والمقدوريّة والمعلوميّة ، وهذا هو المطلوب . والله أعلم بالصواب واليه المرجع والمآب . ( 624 ) وبالحقيقة ، أكثر خطبه - عليه السلام - مشتملة على هذا البحث ، مبنيّة على هذا المقصد ، ( لا ) سيّما [2] الخطبة الأولى ، لانّها لا تشير الا إلى نفى الغير مطلقا ، واثبات الوجود المطلق الحقّ ، حتّى الأسلوب ، لانّ أسلوبها أيضا ( أي أسلوب الخطبة الأولى ) كأسلوبها ( أي كأسلوب الوحدة الذاتيّة ) ، كما لا يخفى على أهله ، لانّ قوله « من وصف الله سبحانه ، فقد قرنه ومن قرنه ، فقد ثنّاه ومن ثنّاه ، فقد جزّأه ومن جزّأه ، فقد جهله ومن جهله ، فقد أشار اليه ومن أشار اليه ، فقد حدّه ومن حدّه ، فقد عدّه » إلى قوله « مع كلّ شيء لا بمقارنة ، وغير كلّ شيء