responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المنطق نویسنده : الشيخ محمد رضا المظفر    جلد : 1  صفحه : 473


قد لا يؤاتيه الشعر ، وهو في أشد ما يكون من يقظته الفكرية ورغبته الملحة في إنشائه . قال الفرزدق . " قد يأتي علي الحين وقلع ضرس عندي أهون من قول بيت شعر " [1] .
وبالعكس قد يفيض الشعر ويتدفق على لسان الشاعر من غير سابق تهيؤ فكري . والشعراء وحدهم يعرفون مدى صحة هذه الحقيقة من أنفسهم .
وأحسب أنه من أجل هذا زعم العرب أو شعراؤهم خاصة أن لكل شاعر شيطانا أو جنيا يلقي عليه الشعر . والغريب ! أن بعضهم تخيله شخصا يمثل له وأسماه باسم مخصوص . وكل ذلك لأنهم رأوا من أنفسهم أن الشعر يؤاتيهم على الأكثر من وراء منطقة الشعور ، وعجزوا عن تفسيره بغير الشيطان والجن .
وعلى كل حال : فإن قوة الشعر إذا كانت موجودة في نفس الفرد لا تخرج - كما تقدم - من حد القوة إلى حد الفعلية اعتباطا من دون سابق تمرين وممارسة للشعر بحفظ وتفهم ومحاولة نظمه مرة بعد أخرى . وقد أوصى بعض الشعراء ناشئا ليتعلم الشعر أن يحفظ قسما كبيرا من المختار منه ، ثم يتناساه مدة طويلة ، ثم يخرج إلى الحدائق الغناء ليستلهمه . وكذلك فعل ذلك الناشئ فصار شاعرا كبيرا .
إن الأمر بحفظه وتناسيه فلسفة عميقة في العقل الباطن توصل إليها ذلك الشاعر بفطرته وتجربته : أن هذا هو شحن القوة للعقل الباطن لتهيئته لإلهام الشعور في ساعة الانشراح والانطلاق التي هي إحدى ساعات تيقظ العقل الباطن وانفتاح المجرى النفسي بين منطقتي اللاشعور والشعور ، أو بالأصح إحدى ساعات اتحاد المنطقتين ، بل هي من أفضل تلك الساعات . وما أعز انفتاح هذا المجرى على الإنسان ! إلا على من خلق ملهما فيؤاتيه بلا اختيار .



[1] راجع العقد الفريد الجزء 3 ص 421 .

473

نام کتاب : المنطق نویسنده : الشيخ محمد رضا المظفر    جلد : 1  صفحه : 473
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست