على تأريخ الحروب والوقائع وسر نشوبها وإخمادها ، والوسائل اللازمة للهجوم والدفاع ، وما يتحقق به النصر ، وما يتمكن به من النجاة من الهزيمة . كما ينبغي أن يكون عارفا بما يثير الغيرة والحمية في نفوس الجنود وما يشجعهم ويثبت عزائمهم ويشحذ هممهم ، ويهون عليهم الموت في سبيل الغاية التي يحاربون لأجلها . وأن يكون عارفا بما يثير في نفوس الأعداء الخوف والرهبة وضعف الهمة واليأس من النصر وتوقع الهزيمة ، ونحو ذلك مما يسمى في الاصطلاح الجديد ب " حرب الأعصاب " . 3 - المحافظة على المدن : والعلوم التي تخصها ولا يستغني الخطيب عن معرفتها هي علوم هندسة البناء والمسح وتنظيم الشوارع ، وما تحتاجه البلدة في مجاري مياهها وتنويرها وتعبيد طرقها ونظافتها ، ونحو ذلك . 4 - الاجتماعيات العامة : كالشرائع والسنن من دينية أو مدنية أو سياسية . ففي المصلحة الدينية - مثلا - ينبغي للخطيب أن يكون عارفا بالشريعة السماوية ، حافظا لآثارها مطلعا على تأريخها ، ملما بأصول العقائد وفروع تلك الشريعة . أما لو كان خطيبا في غاية سياسية أو نحوها ، فينبغي أن يكون خبيرا بما يخصها من قوانين وعلوم وما يكتنفها من تأريخ وحوادث وتقلبات . فالسياسي يحتاج إلى العلوم السياسية والخبرة بأمورها ، والأخلاقي يحتاج إلى علم الأخلاق ، والحاكم والمحامي إلى القوانين الشرعية والمدنية . وعلى الإجمال : أن الخطيب في الأمور الاجتماعية - لا سيما مريد المحافظة على سنة أو دولة - يلزم فيه أن يكون أعلم وأمهر الخطباء الآخرين ، وأعرف بنفسيات الجمهور ومصالحهم ، لأن موقفه مع الجمهور من أدق المواقف وأصعبها . بل هذا الباب - باب المشاورة - على العموم من أخطر أبواب الخطابة وأشقها ، فقد يسقط الرجل الديني والسياسي في نظر الجمهور لأتفه