والمقصود من " الشرع " ما هو أعم من الشريعة المكتوبة وغير المكتوبة ، والمكتوبة مثل الأحكام المنزلة الإلهية والقوانين المدنية والدولية ، وغير المكتوبة ما تطابق عليها آراء العقلاء أو آراء أمة بعينها وكان المعتدي منها ، أو آراء قطره أو عشيرته أو نحو ذلك . فما تطابق عليها آراء الجميع هي " المشهورات المطلقة " والباقي هي من " المشهورات الخاصة " . ومثال الأخيرة " النهوة " باصطلاح عرب العراق في العصور الأخيرة ، فإنها عند غير المتحضرين منهم شريعة غير مكتوبة ، وهي أن للرجل الحق في منع تزوج ابنة عمه من أجنبي ، فالأجنبي إذا تزوجها من دون رخصة ابن عمها وإذنه عدوه في عرفهم جائرا غاصبا وقد يهدر دمه . وإن كان هذا العرف يعد في الشريعة المكتوبة الإسلامية وغيرها ظلما وجورا وأن " الناهي " هو الجائر الظالم . ثم " المخالفة للشرع " إما أن تقع في المال أو العرض أو النفس ، ثم إما أن تكون على شخص أو أشخاص معينين ، أو تقع على جماعة اجتماعية كالدولة والوطن والأمة والعشيرة . وعلى هذا فينبغي للخطيب المشتكي أن يعرف معنى الجور وبواعثه وأسبابه ، وما هي الأسباب التي تقتضي سهولته أو صعوبته ، ومتى يكون عن إرادة وقصد ، وكيف يكون كذلك . وكل هذه فيها أبحاث واسعة تطلب من المطولات . وأما " الاعتذار " فحقيقته التنصل مما ذكره المتظلم المشتكي ودفع تظلمه . وهو يقع بأحد أمرين : 1 - إنكار وقوع الظلم رأسا . 2 - إنكار وقوعه على وجه يكون ظلما وجورا ، فإن كثيرا من الأفعال إنما تقع عدلا حسنة وظلما قبيحة بالوجوه والاعتبار إما من جهة القصد وإما من جهة اختلاف الشريعة المكتوبة مع الشريعة غير المكتوبة ، كما مثلناه بالنهوة .