وقد فهمنا أن اللفظ والمعنى لأجل قوة الارتباط بينهما كالشئ الواحد ، فإذا أحضرت [1] اللفظ بالنطق فكأنما أحضرت المعنى بنفسه . ومن هنا نفهم كيف يؤثر هذا الارتباط على تفكير الإنسان بينه وبين نفسه ، ألا ترى نفسك عندما تحضر أي معنى كان في ذهنك لابد أن تحضر معه لفظه أيضا ؟ بل أكثر من ذلك تكون انتقالاتك الذهنية من معنى إلى معنى بتوسط إحضارك لألفاظها في الذهن ، فإنا نجد أنه لا ينفك غالبا تفكيرنا في أي أمر كان عن تخيل الألفاظ وتصورها كأنما نتحدث إلى نفوسنا ونناجيها بالألفاظ التي نتخيلها ، فنرتب الألفاظ في أذهاننا ، وعلى طبقها نرتب المعاني وتفصيلاتها ، كما لو كنا نتكلم مع غيرنا . قال الحكيم العظيم " الشيخ الطوسي " في شرح الإشارات : الانتقالات الذهنية قد تكون بألفاظ ذهنية ، وذلك لرسوخ العلاقة المذكورة - يشير إلى علاقة اللفظ بالمعنى - في الأذهان [2] . فإذا أخطأ المفكر في الألفاظ الذهنية أو تغيرت عليه أحوالها يؤثر ذلك على أفكاره وانتقالاته الذهنية ، للسبب المتقدم . فمن الضروري لترتيب الأفكار الصحيحة لطالب العلوم : أن يحسن معرفة أحوال الألفاظ من وجهة عامة ، وكان لزاما على المنطقي أن يبحث عنها مقدمة لعلم المنطق واستعانة بها على تنظيم أفكاره الصحيحة . * * *
[1] راجع تعليقة أستاذ حسن زاده على شرح المنظومة : ص 101 ، والإشارات وشرحه : ص 21 . [2] الإشارات وشرحه : ص 22 .