العلم بالمعلول أسبق وأقدم من العلم بها ، فإنه لا يجب في كل ما هو أقدم بحسب الطبع أن يكون أقدم عند العقل في المعرفة . 4 - أن تكون أعرف عند العقول من النتائج ليصح أن تعرفها ، لأن المعرف يجب أن يكون أعرف من المعرف . ومعنى أنها أعرف : أن تكون أكثر وضوحا ويقينا ، لتكون سببا لوضوح النتائج ، بداهة أن الوضوح واليقين يجب أن يكون أولا وبالذات للمقدمات ، وثانيا وبالعرض [1] للنتائج . 5 - أن تكون مناسبة للنتائج ، ومعنى مناسبتها : أن تكون محمولاتها ذاتية أولية لموضوعاتها - على ما سيأتي من معنى الذاتي والأولي هنا - لأن الغريب لا يفيد اليقين بما لا يناسبه ، لعدم العلة الطبيعية بينهما . وبعبارة أخرى - كما قال الشيخ الرئيس في كتاب البرهان من الشفا ص 72 - : فإن الغريبة لا تكون عللا ، ولو كانت المحمولات البرهانية يجوز أن تكون غريبة لم تكن مبادئ البرهان عللا ، فلا تكون مبادئ البرهان عللا للنتيجة . 6 - أن تكون ضرورية [2] إما بحسب الضرورة الذاتية أو بحسب الوصف . وليس المراد من " الضروري " هنا المعنى المقصود منه في القياس ، فإنه إذا قيل هناك : " كل ح ب بالضرورة " يعنون به أن كل ما يوصف بأنه " ح " كيفما اتفق وصفه به فهو موصوف بأنه " ب " بالضرورة وإن لم يكن موصوفا بأنه " ح " بالضرورة . وأما هنا فيعنون به المشروطة العامة أي : أن كل ما يوصف بأنه " ح " بالضرورة ، فإنه موصوف بأنه " ب " [3] .
[1] لا يخفى عليك : أن التعبير بالعرض ليس مصطلحا هنا ، بل الصحيح هو التعبير بقولنا " بالتبع " إن وضوح النتائج بالمقدمات صفة لها بذاتها وليس الوضوح هذا صفة للمقدمات وتنسب إليها من باب إسناد الشئ إلى غير ما هو له . [2] راجع الجوهر النضيد : ص 179 ، والإشارات وشرحه : ص 295 ، والنجاة : ص 70 ، والتحصيل : ص 205 . [3] أي : أن المحمول إنما يكون ضروريا للموضوع ما دام وصفه العنواني ثابت له بالضرورة .