نظرا إلى أنه يتضمن الاعتقاد والجزم وإن خالف الواقع . ولكنا إذا دققنا تعريف العلم نعرف ابتعاد هذا الزعم عن الصواب وأنه - أي هذا الزعم - من الجهل المركب ، لأن معنى " حضور صورة الشئ عند العقل " أن تحضر صورة نفس ذلك الشئ ، أما إذا حضرت صورة غيره بزعم أنها صورته فلم تحضر صورة الشئ بل صورة شئ آخر زاعما أنها هي . وهذا هو حال الجهل المركب ، فلا يدخل تحت تعريف العلم . فمن يعتقد أن الأرض مسطحة لم تحضر عنده صورة النسبة الواقعية وهي أن الأرض كروية ، وإنما حضرت صورة نسبة أخرى يتخيل أنها الواقع . وفي الحقيقة : أن الجهل المركب يتخيل صاحبه أنه من العلم ، ولكنه ليس بعلم ، وكيف يصح أن يكون الشئ من أقسام مقابله ؟ والاعتقاد لا يغير الحقائق ، فالشبح من بعيد الذي يعتقده الناظر إنسانا وهو ليس بإنسان لا يصيره الاعتقاد إنسانا على الحقيقة . العلم ضروري ونظري ينقسم العلم بكلا قسميه - التصور والتصديق - إلى قسمين : 1 - الضروري : ويسمى أيضا " البديهي " [1] وهو ما لا يحتاج في حصوله إلى كسب ونظر وفكر ، فيحصل بالاضطرار وبالبداهة [2] التي هي المفاجأة والارتجال من دون توقف [3] كتصورنا لمفهوم الوجود والعدم
[1] البديهي بهذا المعنى مرادف للضروري المقابل للنظري ، وقد يطلق " البديهي " على المقدمات الأولية ، راجع شرح الشمسية ( ص 12 ) وأيضا راجع : شرح المنظومة ( ص 9 ) ، شرح المطالع ( ص 10 ) ، القواعد الجلية ( ص 184 ) . [2] إشارة إلى وجه تسميته بالضروري وبالبديهي ، فيسمى ضروريا لحصوله بالاضطرار ، ولكون النفس مضطرة إلى العلم به ولا يمكنها الاستنكاف منه . ويسمى بديهيا لحصوله بالبداهة والمفاجأة والارتجال . [3] بشرط وجود أسباب التوجه الآتية .