لأنهما لو كانتا موجبتين أو سالبتين لجاز أن يصدقا أو يكذبا معا . ولو كانتا كليتين لجاز أن يكذبا معا ، كما لو كان الموضوع أعم على ما مثلنا سابقا . ولو كانتا جزئيتين لجاز أن يصدقا معا ، كما لو كان الموضوع أيضا أعم ، نحو : بعض المعدن حديد ، وبعض المعدن ليس بحديد . الاختلاف بالجهة : أما الاختلاف بالجهة ، فأمر يقتضيه طبع التناقض كالاختلاف بالإيجاب والسلب ، لأن نقيض كل شئ رفعه ، فكما يرفع الإيجاب بالسلب والسلب بالإيجاب ، فلابد من رفع الجهة بجهة تناقضها . ولكن الجهة التي ترفع جهة أخرى قد تكون من إحدى الجهات المعروفة فيكون لها نقيض صريح ، مثل رفع الممكنة العامة بالضرورية وبالعكس ، لأن الإمكان هو سلب الضرورة [1] . وقد لا تكون من الجهات المعروفة التي لها عندنا اسم معروف ، فلابد أن نلتمس لها جهة من الجهات المعروفة تلازمها ، فنطلق عليها [2] اسمها [3] فلا يكون نقيضا صريحا ، بل لازم النقيض . مثلا : الدائمة تناقضها المطلقة العامة ، ولكن لا بالتناقض الصريح ، بل إحداهما لازمة لنقيض الأخرى ، فإذا قلت : " الأرض متحركة دائما " فنقيضها الصريح سلب الدوام ، ولكن سلب الدوام ليس من الجهات المعروفة ، فنلتمس له جهة لازمة ، فنقول : لازم عدد الدوام أن سلب التحرك عن الأرض حاصل في زمن من الأزمنة ، أي : " ان الأرض ليست متحركة بالفعل " وهذه مطلقة عامة تكون لازمة لنقيض الدائمة . وإذا قلت : " كل إنسان كاتب بالفعل " فنقيضها الصريح أن الإنسان لم
[1] عن الطرف المخالف وهو النقيض . [2] أي على الجهة غير المعروفة . [3] أي اسم الجهة المعروفة .