فيبادله في موارده ، فتارة يبادل التصور - أي يكون في مورده - واخرى يبادل التصديق - أي يكون في مورده - فيصح بالمناسبة أن نسمي الأول " الجهل التصوري " [1] والثاني " الجهل التصديقي " [2] . ثم إنهم يقولون [3] : إن الجهل ينقسم إلى قسمين : بسيط ومركب . وفي الحقيقة : أن الجهل التصديقي خاصة هو الذي ينقسم إليهما ، ولهذا اقتضى أن نقسم الجهل إلى تصوري وتصديقي ونسميهما بهذه التسمية . أما الجهل التصوري فلا يكون إلا بسيطا كما سيتضح . ولنبين القسمين ، فنقول : 1 - الجهل البسيط : [ هو ] أن يجهل الإنسان شيئا وهو ملتفت إلى جهله [4] فيعلم أنه لا يعلم ، كجهلنا بوجود السكان في المريخ ، فإنا نجهل ذلك ونعلم بجهلنا ، فليس لنا إلا جهل واحد . 2 - الجهل المركب : [ هو ] أن يجهل شيئا وهو غير ملتفت إلى أنه جاهل به ، بل يعتقد أنه من أهل العلم به ، فلا يعلم أنه لا يعلم ، كأهل الاعتقادات الفاسدة الذين يحسبون أنهم عالمون بالحقائق وهم جاهلون بها في الواقع . ويسمون هذا مركبا ، لأنه يتركب من جهلين : الجهل بالواقع والجهل بهذا الجهل ، وهو أقبح وأهجن القسمين . ويختص هذا في مورد التصديق ، لأنه لا يكون إلا مع الاعتقاد .
[1] وهو أن يكون في مورد التصور . [2] وهو أن يكون في مورد التصديق . [3] والأولى في العبارة أن يقال : ثم إن الجهل كما يطلق على ما يقابل العلم تقابل العدم والملكة ، وهو الذي يسمى بالجهل البسيط ، يطلق أيضا على التصديق الجازم الذي لا يطابق الواقع ، ويقابله العلم بمعنى التصديق الجازم المطابق للواقع تقابل التضاد ، فالجهل لفظ مشترك ، كما أن العلم الذي يقابله لفظ مشترك أيضا . [4] الجهل البسيط : هو عدم ملكة العلم ، سواء التفت الجاهل إلى جهله أم كان غافلا ، ولو كان الأمر على ما ذكره المصنف ( قدس سره ) لم يصح تقسيم الجهل إلى البسيط والمركب ، فإن التقسيم عليه لا يكون حاصرا ، لخروج الجاهل الغافل . وسيأتي منه أن من شرائط صحة التقسيم أن يكون جامعا مانعا .