والمقصود من هذا البيان : أن الموجبة لابد من فرض وجود موضوعها في صدقها ، وإلا كانت كاذبة . ولكن وجود موضوعها : 1 - تارة يكون في الذهن فقط [1] فتسمى " ذهنية " مثل : كل اجتماع النقيضين مغاير لاجتماع المثلين ، كل جبل ياقوت ممكن الوجود . فإن مفهوم " اجتماع النقيضين " و " جبل الياقوت " غير موجودين في الخارج ، ولكن الحكم ثابت لهما في الذهن . 2 - واخرى يكون وجود موضوعها في الخارج على وجه يلاحظ في القضية خصوص الأفراد الموجودة المحققة منه في أحد الأزمنة [2] الثلاثة [3] نحو : كل جندي في المعسكر مدرب على حمل السلاح ، بعض الدور المائلة للانهدام في البلد هدمت . كل طالب في المدرسة مجد . وتسمى القضية هذه " خارجية " . 3 - وثالثة يكون وجوده في نفس الأمر والواقع ، بمعنى : أن الحكم على الأفراد المحققة الوجود والمقدرة الوجود معا . فكل ما يفرض وجوده وإن لم يوجد أصلا فهو داخل في الموضوع ويشمله الحكم ، نحو : كل مثلث مجموع زواياه يساوي قائمتين ، بعض المثلث قائم الزاوية ، كل إنسان قابل للتعليم العالي ، كل ماء طاهر . فإنك ترى في هذه الأمثلة أن كل ما يفرض للموضوع من أفراد
[1] أي : يحمل المحمول على الوجود الذهني للموضوع ، أي : على مفهومه ، فالإمكان يحمل على مفهوم جبل ياقوت ، أي : يكون هذا المفهوم ممكن الوجود في الخارج . [2] في حين النسبة . [3] وهو زمان النسبة ، فإن كان زمان النسبة هو الزمان الماضي ، فيلاحظ خصوص الأفراد المتحققة في ذلك الزمان ، وإن كان هو الزمان الحال فيلاحظ خصوص الأفرار المتحققة في الحال وإن كان هو الزمان المستقل فيلاحظ خصوص الأفراد الموجودة في ذلك الزمان .