سبق أن ذكرنا التعريف اللفظي ، ولا يهمنا البحث عنه في هذا العلم ، لأنه لا ينفع إلا لمعرفة وضع اللفظ لمعناه ، فلا يستحق اسم التعريف إلا من باب المجاز والتوسع . وإنما غرض المنطقي من " التعريف " هو المعلوم التصوري الموصل إلى مجهول تصوري الواقع جوابا عن " ما " الشارحة أو الحقيقية . ويقسم إلى حد ورسم ، وكل منهما إلى تام وناقص . 1 - الحد التام : وهو التعريف بجميع ذاتيات المعرف - بالفتح - ويقع بالجنس والفصل القريبين ، لاشتمالهما على جميع ذاتيات المعرف ، فإذا قيل : ما الإنسان ؟ فيجوز أن تجيب - أولا - بأنه " حيوان ناطق " . وهذا حد تام فيه تفصيل ما أجمله اسم " الإنسان " ويشتمل على جميع ذاتياته ، لأن مفهوم " الحيوان " ينطوي فيه : الجوهر ، والجسم النامي ، والحساس المتحرك بالإرادة . وكل هذه أجزاء [1] وذاتيات للإنسان . ويجوز أن تجيب - ثانيا - بأنه " جسم نام حساس متحرك بالإرادة ، ناطق " . وهذا حد تام أيضا للإنسان عين الأول في المفهوم ، إلا أنه أكثر تفصيلا ، لأنك وضعت مكان كلمة " حيوان " حده التام . وهذا تطويل وفضول لا حاجة إليه ، إلا إذا كانت ماهية الحيوان مجهولة للسائل ، فيجب . ويجوز أن تجيب - ثالثا - بأنه " جوهر قابل للأبعاد الثلاثة نام حساس متحرك بالإرادة ، ناطق " فتضع مكان كلمة " جسم " حده التام فضولا ، إلا إذا كانت ماهية الجسم مجهولة أيضا للسائل ، فيجب . وهكذا إذا كان " الجوهر " مجهولا تضع مكانه حده التام - إن وجد [2] - حتى ينتهي الأمر إلى المفاهيم البديهية الغنية عن التعريف ،
[1] أي : أجزاء لمفهومه وماهيته . [2] قيد بذلك ، لأن المشهور أن الجوهر جنس عال ، وعليه فلا جنس له ولا فصل ، فلا حد له .