فتلتذ به وترتاح له ، وليس لواقع الحوادث المصورة والممثلة قبل تصويرها وتمثيلها ذلك الأثر من اللذة والارتياح لو شاهدها الإنسان . واعتبر ذلك فيمن يحاكون غيرهم في مشية أو قول أو إنشاد أو حركة أو نحو ذلك ، فإنه يثير إعجابنا ولذتنا أو ضحكنا ، مع أنه لا يحصل ذلك الأثر النفسي ولا بعضه لو شاهدنا نفس المحكيين في واقعهم . وما سر ذلك إلا التخييل والتصوير في المحاكاة . وعلى هذا كلما كان التصوير دقيقا معبرا كان أبلغ أثرا في النفس . ومن هنا كانت السينما من أعظم المؤثرات على النفوس ، وهو سر نجاحها وإقبال الجمهور عليها ، لدقة تعبيرها وبراعة تمثيلها عن دقائق الأشياء التي يراد حكايتها . والخلاصة : إن تأثير الشعر في النفوس من هذا الباب ، لأنه بتصويره يثير الإعجاب والاستغراب والتخييل ، فتلتذ به النفس وتتأثر به حسبما يقتضيه من التأثير . ولذا قالوا : إن الشاعر كالمصور الفنان الذي يرسم بريشته الصور المعبرة . وحق أن نقول حينئذ : إن الشعر من الفنون الجميلة ، الغرض منه تصوير المعاني المراد التعبير عنها ، ليكون مؤثرا في مشاعر الناس ، ولكنه تصوير بالألفاظ . بماذا [1] يكون الشعر شعرا ؟ إذا عرفت ما تقدم فلنعد إلى السؤال الثاني ، فنقول : بماذا يكون الشعر شعرا ، أي : مخيلا ؟ والجواب : ان التصوير في الشعر كما ألمعنا إليه في التمهيد يحصل بثلاثة أشياء : 1 - الوزن ، فإن لكل وزن شأنا في التعبير عن حال من أحوال النفس