وتنمو بالتمرين والتعلم كجميع المواهب الشخصية . وليس هناك قواعد عامة مدونة يمكن بها ضبط تغييرات الصوت ونبراته حسب الحاجة ، وإنما معرفة ذلك تتبع نباهة الخطيب في اختياره للتغيرات الصوتية المناسبة التي يجدها بالتجربة والتمرين مؤثرة في المستمعين . ولأجل هذا يظهر لنا كيف يفشل بعض الخطباء ، لأنه يحاول المسكين ! تقليد خطيب ناجح في لهجته وإلقائه ، فيبدو نابيا سخيفا ، إذ يظهر بمظهر المتصنع الفاشل ، والسر أن هذا أمر يدرك بالغريزة والتجربة قبل أن يدرك بالتقليد للغير . - 8 - الاستدراجات بحسب المخاطب وهي أيضا من أقسام ما يقتضي الاستعداد للإقناع وتكون بصناعة من الخطيب . وذلك بأن يحاول استمالة المستمعين وجلب عواطفهم نحوه ليتمكن قوله فيهم ويتهيأوا للإصغاء إليه ، مثل أن يحدث فيهم انفعالا نفسيا مناسبا لغرضه ، كالرقة والرحمة ، أو القوة والغضب ، أو يضحكهم بنكتة عابرة لتنفتح نفوسهم للإقبال عليه . ومثل أن يشعرهم بأنهم يتخلقون بأخلاق فاضلة كالشجاعة والكرم أو الإنصاف والعدل أو إيثار الحق ، أو يتحلون بالوطنية الصادقة والتضحية في سبيل بلادهم ، أو نحو ذلك مما يناسب غرضه ، وهذا يكون بمدحهم والثناء عليهم أو بذكر سوابق محمودة لهم أو لآبائهم أو أسلافهم . وإذا اضطر إلى التعريض بخصومه الحاضرين فيظهر بأنهم الأقلية القليلة فيهم ، أو يتظاهر بأنه لا يعرف بأنهم موجودون في الاجتماع ، أو أنهم لا قيمة لهم ولا وزن عند الناس . وليس شئ أفسد للخطيب من التعريض بذم المستمعين أو تحقيرهم