هذا هو تعريف أصل هذه الصناعة التي غايتها حصول ملكة الخطابة التي بها يتمكن الشخص الخطيب من إقناع الجمهور . والمراد من القناعة هو التصديق بالشئ مع الاعتقاد بعدم إمكان أن يكون له ما ينقض ذلك التصديق ، أو مع الاعتقاد بإمكان ما ينقضه إلا أن النفس تصير بسبب الطرق المقنعة أميل إلى التصديق من خلافه . وهذا الأخير هو المسمى عندهم ب " الظن " على نحو ما تقدم في هذا الجزء . ثم إنه ليس المراد من لفظ " الخطابة " التي وضعت لها هذه الصناعة مجرد معنى الخطابة المفهوم من لفظها في هذا العصر ، وهو أن يقف الشخص ويتكلم بما يسمع المجتمعين بأي أسلوب كان ، بل أسلوب البيان وأداء المقاصد بما يتكفل إقناع الجمهور هو الذي يقوم معنى الخطابة وإن كان بالكتابة أو المحاورة كما يحصل في محاورة المرافعة عند القضاة والحكام . وهذه الصناعة تتكفل ببيان هذا الأسلوب ، وكيف يتوصل إلى إقناع الناس بالكلام ، وما لهذا الأسلوب من مساعدات وأعوان : من صعود على مرتفع ، ورفع صوت ، ونبرات خاصة ، وما إلى ذلك مما سيأتي شرحه . - 4 - أجزاء الخطابة [1] الخطابة تشتمل على جزءين : العمود ، والأعوان . أ - " العمود " ويقصدون بالعمود هنا مادة قضايا الخطابة التي تتألف منها الحجة الإقناعية . وتسمى الحجة الإقناعية باصطلاح هذه الصناعة " التثبيت " على ما سيأتي . وبعبارة أخرى : العمود هو كل قول منتج لذاته