إذا عرفت ذلك فكل قضية لها ارتباط في نقض الوضع الذي يراد نقضه تصلح أن تقع موردا لسؤال السائل ، ولكن بعض القضايا يجدر به أن يتجنبها ، نذكر بعضها : منها : أنه لا ينبغي للسائل أن يجعل المشهورات موردا لسؤاله ، فإن السؤال عنها معناه جعلها في معرض الشك والترديد ، هذا ما يشجع المجيب على إنكارها ومخالفة المشهور . فلو التجأ السائل لإيراد المشهورات فليذكرها على سبيل التمهيد للقواعد التي يريد أن يستفيد منها لنقض وضع المجيب ، باعتبار أن تلك المشهورات مفروغ عنها لا مفر من الاعتراف بها . ومنها : أنه لا ينبغي له أن يسأل عن ماهية الأشياء ولا عن لميتها - عليتها - لأن مثل هذا السؤال إنما يرتبط بالتعلم والاستفادة ، لا بالجدل والمغالبة ، بل السؤال عن الماهية لو احتاج إليه فينبغي أن يضعه على سبيل الاستفسار عن معنى اللفظ ، أو على سبيل السؤال عن رأيه وقوله في الماهية ، بأن يسأل هكذا : " هل تقول : إن الإنسان هو الحيوان الناطق أولا ؟ " أو يسأل هكذا : " لو لم يكن حد الإنسان هو الحيوان الناطق فما حده إذا ؟ " . وكذلك السؤال في اللمية لابد أن يجعل السؤال عن قوله ورأيه فيها ، لا عن أصل العلية . - 10 - مطالب الجدل إن الجدل ينفع في جميع المسائل الفلسفية والاجتماعية والدينية والعلمية والسياسية والأدبية وجميع الفنون والمعارف وكل قضية من ذلك تصلح أن تكون مطلوبة به . ويستثنى من ذلك قضايا لا تطلب بالجدل .