ويستوحش منها ، لأنه لم يقو بعد على الوصول إلى البرهان عليها ، والمقدمات الجدلية تفيده التصديق بها وتسهل عليه الاعتقاد بها فيطمئن إليها قبل الدخول في العلم ومعرفة براهينها . 4 - وتنفع هذه الصناعة أيضا طالب الغلبة على خصومه ، إذ يقوى على المحاورة والمخاصمة والمراوغة وإن كان الحق في جانب خصمه ، فيستظهر على خصمه الضعيف عن مجادلته ومجاراته ، لا سيما في هذا العصر الذي كثرت فيه المنازعات في الآراء السياسية والاجتماعية . 5 - وتنفع أيضا الرئيس للمحافظة على عقائد أتباعه عن المبتدعات . 6 - وتنفع أيضا الذين يسمونهم في هذا العصر " المحامين " الذين اتخذوا المحاماة والدفاع عن حقوق الناس مهنة لهم ، فإنهم أشد ما تكون حاجتهم إلى معرفة هذه الصناعة ، بل إنها جزء من مهنتهم في الحقيقة . - 6 - السؤال والجواب تقدم إن الجدل لا يتم إلا بين طرفين متنازعين ، فالجدلي شخصان : أحدهما محافظ على وضع وملتزم له ، وغاية سعيه ألا يلزمه الغير ولا يفحمه . وثانيهما ناقض له ، وغاية سعيه أن يلزم المحافظ ويفحمه . والأول يسمى " المجيب " واعتماده على المشهورات في تقرير وضعه ، إما المشهورات المطلقة ، أو المحدودة بحسب تسليم طائفة معينة . والثاني يسمى [1] " السائل " واعتماده في نقض وضع المجيب على ما يسلمه المجيب من المقدمات وإن لم تكن مشهورة . ولتوضيح سر التسمية بالسائل والمجيب نقول : إن الجدل إنما يتم