- 8 - المخيلات [1][2] وهي قضايا ليس من شأنها أن توجب تصديقا ، إلا أنها توقع في النفس تخييلات [3] تؤدي إلى انفعالات نفسية ، من انبساط في النفس أو انقباض ، ومن استهانة بالأمر الخطير أو تهويل أو تعظيم للشئ اليسير ، ومن سرور وانشراح أو حزن وتألم ، ومن شجاعة وإقدام أو جبن وإحجام [4] . وتأثير هذه القضايا - التي هي مواد صناعة الشعر كما سيأتي - في النفس ناشئ من تصوير المعنى بالتعبير تصويرا خياليا خلابا وإن كان لا واقع له [5] . وكلما استعملت المجازات والتشبيهات والاستعارات وأنواع البديع في مثل هذه القضايا كانت أكثر تأثيرا في النفس ، لأن هذه المزايا تضفي على الألفاظ والمعاني جمالا يستهوي المشاعر ويثير التخيلات . وإذا انضم إليها الوزن والقافية أو التسجيع والازدواج زاد تأثيرها . ثم يتضاعف الأثر إذا كان الصوت المؤدي لها رقيقا ومشتملا على نغمة موسيقية مناسبة للوزن ونوع التخييل . كل ذلك يدل على أن المخيلات ليس تأثيرها في النفس لأجل كونها تتضمن حقيقة يصدق بها ، بل حتى لو علم كذبها فإن لها ذلك التأثير المنتظر منها . وما ذلك إلا لأن التصوير فيها للمعنى مع ما ينضم إليه من
[1] بصيغة الفاعل بشهادة ما ذكره في تفسيرها ، أو بصيغة المفعول ، فإن هذه القضايا أمور موجودة في الخيال أيضا . [2] راجع شرح الشمسية : ص 169 . [3] أي صورا خيالية - في مقابل الحسية والوهمية والعقلية - كانت غائبة عن الذاكرة . [4] أحجم عن الشئ : كف ، نكص هيبة ، بالفارسية ( عقب نشيني ) . [5] حتى قيل أحسن الشعر أكذبه . وراجع كشكول البهائي : ج 1 ، ص 397 ( من أشعر الناس ) .