المقدمة في مبادئ الأقيسة [1] سبق أن قلنا في تصدير الباب الخامس : إنه لا يجب في كل قضية أن تطلب بدليل وحجة ، بل لابد من الانتهاء في الطلب إلى قضايا مستغنية عن البيان وإقامة الحجة . والسر في ذلك : أن مواد الأقيسة - سواء كانت يقينية أو غير يقينية - إما أن تكون في حد نفسها مستغنية عن البيان وإقامة الحجة ، بمعنى أنه ليس من شأنها أن تكون مطلوبة بحجة ، وإما أن تكون محتاجة إلى البيان . ثم هذه الأخيرة المحتاجة لابد أن ينتهي طلبها إلى مقدمات مستغنية بنفسها عن البيان ، وإلا لزم التسلسل في الطلب إلى غير النهاية . أو نقول : إنه يلزم من ذلك ألا ينتهي الإنسان إلى علم أبدا ، ويبقى في جهل إلى آخر الآباد . والوجدان يشهد على فساد ذلك . وهاتيك المقدمات المستغنية عن البيان تسمى " مبادئ المطالب " أو " مبادئ الأقيسة " . وهي ثمانية أصناف : يقينيات [2] ومظنونات
[1] لا يخفى عليك : أنه لابد من التعبير بمبادئ الحجة ، فإن كلا من الجدل والخطابة والشعر والمغالطة يمكن أن يكون من التمثيل أو الاستقراء ، كما يمكن أن يكون من القياس . [2] والمراد به أصول اليقينيات وهي البديهيات ، وإلا فاليقينيات قد لا تكون مستغنية عن البيان .