العلم [1] تمهيد : قلنا : إن الله - تعالى - خلق الإنسان مفطورا على التفكير مستعدا لتحصيل المعارف بما أعطي من قوة عاقلة مفكرة يمتاز بها عن
[1] المبحوث عنه هنا هو العلم المعبر عنه في لسان الفلاسفة ب " العلم الحصولي " . أما " العلم الحضوري " - كعلم النفس بذاتها وبصفاتها القائمة بذاتها وبأفعالها وأحكامها وأحاديثها النفسية ، وكعلم الله تعالى بنفسه وبمخلوقاته - فلا تدخل فيه الأبحاث الآتية في الكتاب ، لأنه ليس حصوله للعالم بارتسام صورة المعلوم في نفسه ، بل بحضور نفس المعلوم بوجوده الخارجي العيني للعالم ، فان الواحد منا يجد من نفسه أنه يعلم بنفسه وشؤونها ويدركها حق الإدراك ، ولكن لا بانتقاش صورها ، وإنما الشئ الموجود هو حاضر لذاته دائما بنفس وجوده ، وكذا المخلوقات حاضرة لخالقها بنفس وجودها . فيكون الفرق بين الحصولي والحضوري : 1 - إن الحصولي هو حضور صورة المعلوم لدى العالم والحضوري هو حضور نفس المعلوم لدى العالم . 2 - إن المعلوم بالعلم الحصولي وجوده العلمي غير وجوده العيني وإن المعلوم بالعلم الحضوري وجوده العلمي عين وجوده العيني . 3 - إن الحصولي هو الذي ينقسم إلى التصور والتصديق والحضوري لا ينقسم إلى التصور والتصديق ( 2 ) 1 - الهوامش التي رمزنا إليها بعلامة ( * ) موجودة في الطبعات السابقة ، والظاهر أنها من المؤلف ( قدس سره ) . 2 - أقول : والفرق الرابع : أن العلم الحصولي يقبل الخطأ والعلم الحضوري لا يقبل الخطأ .