ثم حملوه إلى محط في الأرض وأسلموه فيه إلى عمله . وانقطعوا عن زورته حتى إذا بلغ الكتاب أجله والأمر مقاديره وألحق آخر الخلق بأوله وجاء من أمر الله ما يريده من تجديد خلقه . أمار السماء وقطرها وأرج الأرض وأرجفها وقلع الجبال ونفسها . ودك بعضها بعضا من هيبة جلاله وبخوف سطوته وأخرج من فيها فجددهم بعد إخلاقهم وجمعهم بعد تفريقهم . ثم ميزهم لما يريده من مساءلتهم عن خفايا الأعمال وخبايا الأفعال وجعلهم فريقين : أنعم على هؤلاء وانتقم من هؤلاء . فأما أهل الطاعة فأثابهم بجواره وخلدهم في داره حيث لا يظعن النزال ولا يتغير بهم الحال ولا تهولهم الأفزاع ولا تنالهم الأسقام ولا يعرض لهم الأخطار ولا تشخصهم الأسفار . فأما أهل المعصية فأنزلهم شر دار وغل الأيدي إلى الأعناق وقرن النواصي بالأقدام وألبسهم سرابيل القطران ومقطعات النيران .