نام کتاب : المحجة البيضاء في تهذيب الأحياء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 1 صفحه : 391
إسم الكتاب : المحجة البيضاء في تهذيب الأحياء ( عدد الصفحات : 438)
الشيطان وخدائعه ومكائده ، فإنّ اللَّه تعالى يرفع عباده بقدر تواضعهم له ، ويهديهم إلى أصول التواضع والخضوع والخشوع بقدر اطَّلاع عظمته على سرائرهم » . قال أبو حامد : « ثمّ تهوي إلى السجود وهو أعلى درجات الاستكانة ، فمكَّن أعزّ أعضائك وهو الوجه من أذلّ الأشياء وهو التراب ، وإن أمكنك أن لا تجعل بينهما حائلا فتسجد على الأرض فافعل فإنّه أجلب للخضوع وأدلّ على الذلّ ، وإذا وضعت نفسك موضع الذلّ فاعلم أنّك وضعتها موضعها ورددت الفرع إلى أصله ، فإنّك من التراب خلقت وإليه رددت ، فعند هذا جدّد على قلبك عظمة اللَّه وقل : « سبحان ربّي الأعلى » وأكَّده بالتّكرار فإنّ المرّة الواحدة ضعيفة الآثار ، فإذا رقّ قلبك وطهر لبّك فليصدق رجاؤك في رحمة ربّك ، فإنّ رحمته تتسارع إلى الضعف والذّلّ لا إلى التكبّر والبطر فارفع رأسك مكبّرا وسائلا حاجتك ومستغفرا من ذنوبك ، ثمّ أكَّد التواضع بالتكرار وعد إلى السجود ثانيا كذلك » . أقول : وفي الفقيه [1] عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه سئل ما معنى السجدة الأولى ؟ قال : « تأويلها اللَّهمّ إنّك منها خلقتنا » يعني من الأرض ، وتأويل رفع رأسك « ومنها أخرجتنا » والسجدة الثانية « وإليها تعيدنا » ، ورفع رأسك « ومنها تخرجنا تارة أخرى » . وفي مصباح الشريعة [2] عن الصادق عليه السّلام « ما خسر واللَّه من أتى بحقيقة السجود ولو كان في العمر مرّة واحدة ، وما أفلح من خلا بربّه في مثل ذلك الحال شبيها بمخادع نفسه غافل لاه عمّا أعدّ اللَّه للساجدين من أنس العاجل وراحة الآجل ، ولا بعد عن اللَّه أبدا من أحسن تقرّبه في السجود ، ولا قرب إليه أبدا من أساء أدبه وضيّع حرمته بتعليق قلبه بسواه في حال سجوده ، فاسجد سجود متواضع للَّه ، ذليل علم أنّه خلق من تراب تطأه الخلق ، وأنّه ركَّب من نطفة يستقذرها كلّ أحد [ وكوّن ولم يكن ] وقد جعل اللَّه معنى السجود سبب التقرّب إليه بالقلب والسرّ والرّوح ، فمن قرب منه بعد من غيره ، ألا ترى في الظاهر أنّه لا يستوي حال السجود إلا بالتواري عن جميع الأشياء والاحتجاب عن كلّ ما تراه العيون كذلك [ أراد اللَّه ] أمر الباطن فمن كان قلبه متعلَّقا في
[1] المصدر ص 86 تحت رقم 32 . [2] الباب السادس عشر .
391
نام کتاب : المحجة البيضاء في تهذيب الأحياء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 1 صفحه : 391