نام کتاب : المحجة البيضاء في تهذيب الأحياء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 1 صفحه : 39
بكيفيّة العمل ، فأصل السعادة في الدنيا والآخرة هو العلم فهو إذن أفضل الأعمال وكيف لا ؟ وقد تعرف فضيلة الشيء بشرف ثمرته ، وقد عرفت أنّ ثمرة العلم القرب من ربّ العالمين ، والالتحاق بأفق الملائكة ومقارنة الملاء الأعلى ، هذا في الآخرة ، وأمّا في الدّنيا فالعزّ والوقار ، ونفوذ الحكم على الملوك ، ولزوم الاحترام في الطباع حتّى أنّ أغبياء الترك [1] وأجلاف العرب يصادفون طباعهم مجبولة على التوقير لشيوخهم لاختصاصهم بمزيّة علم مستفاد من التجربة ، بل البهيمة بطبعها توقّر الإنسان بشعورها بتمييز الإنسان بكمال مجاوز لدرجتها ، هذه فضيلة العلم مطلقا . ثمّ تختلف العلوم كما سيأتي بيانه وتتفاوت لا محالة فضائلها بتفاوتها أمّا فضيلة التعليم والتعلَّم فظاهرة ممّا ذكرناه ، فإنّ العلم إذا كان أفضل الأمور كان تعلَّمه طلبا للأفضل وكان تعليمه إفادة للأفضل ، وبيانه أنّ مقاصد الخلق مجموعة في الدّين والدّنيا ولا نظام للدّين إلا بنظام الدنيا فإنّ الدنيا مزرعة الآخرة وهي الآلة الموصلة إلى اللَّه عزّ وجلّ لمن اتّخذها آلة ، ومنزلا لا لمن اتّخذها مستقرّا ووطنا ، وليس ينتظم أمر الدّنيا إلا بأعمال الآدميّين ، وأعمالهم وحرفهم وصناعاتهم تنحصر في ثلاثة أقسام : أحدها أصول لا قوام للعالم دونها ، وهي أربعة : الزراعة وهي للمطعم ، والحياكة وهي للملبس ، والبناء وهي للمسكن ، والسياسة وهي للتأليف والاجتماع والتعاون على أسباب المعيشة وضبطها . الثاني ما هي مهيّئة لهذه الصناعات وخادمة لها كالحدادة فإنّها تخدم الزراعة وجملة من الصناعات باعداد آلاتها وكالحلاجة والغزل فإنّها تخدم الحياكة باعداد محلَّها . الثالث ما هو متمّمة للأصول ومزيّنة لها كالطحن والخبز للزراعة وكالقصارة والخياطة للحياكة وذلك بالإضافة إلى قوام أمر العالم الأرضي مثل أجزاء الشخص بالإضافة إليه فإنّها ثلاثة أضرب : إمّا أصول كالقلب والكبد والدماغ ، وإمّا خادمة لها كالمعدة والعروق والشرائين والأعصاب والأوردة ، وإمّا مكمّلة لها ومزيّنة كالأظفار والأصابع والحاجبين ، وأشرف هذه الصناعات أصولها ، وأشرف أصولها