نام کتاب : المحجة البيضاء في تهذيب الأحياء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 1 صفحه : 372
نفسه يجوز أن يعرف من غيره صفات العظمة ، ولا يكون الخشوع والتعظيم حاله لأنّ القرينة الأخرى وهي معرفة حقارة النّفس وحاجتها لم تقترن إليه . وأمّا الهيبة والخوف فحالة للنفس تتولَّد من المعرفة بقدرة اللَّه وسطوته ونفوذ مشيّته فيه مع قلَّة المبالاة به وإنّه لو أهلك الأوّلين والآخرين لم ينقص من ملكه ذرّة ، هذا مع مطالعة ما يجري على الأنبياء والأولياء من المصائب وأنواع البلاء مع القدرة على الدّفع على خلاف ما يشاهد من ملوك الأرض ، وبالجملة كلَّما زاد العلم باللَّه زادت الخشية والهيبة وسيأتي أسباب ذلك في كتاب الخوف من ربع المنجيات . وأمّا الرّجاء فسببه معرفة لطف اللَّه وكرمه وعميم إنعامه ولطائف صنعه ومعرفة صدقه في وعده الجنّة بالصّلاة فإذا حصل اليقين بوعده والمعرفة بلطفه انبعث من مجموعهما الرجاء لا محالة . وأمّا الحياء فباستشعاره التقصير في العبادة وعلمه بالعجز عن القيام بعظيم حقّ اللَّه ، ويقوي ذلك بالمعرفة بعيوب النفس وآفاتها وقلَّة إخلاصها وخبث دخلتها وميلها إلى الحظَّ العاجل في جميع أفعالها مع العلم بعظيم ما يقتضيه جلال اللَّه ، والعلم بأنّه مطَّلع على السريرة وخطرات القلب وإن دقّت وخفيت وهذه المعارف إذا حصلت يقينا انبعث منها بالضرورة حالة تسمّى الحياء . فهذه أسباب هذه الصفات ، وكلّ ما طلب تحصيله فعلاجه إحضار سببه ففي معرفة السبب معرفة العلاج ورابطة جميع هذه الأسباب الإيمان واليقين أعني به هذه المعارف الَّتي ذكرناها ، ومعنى كونها يقينا انتفاء الشكّ واستيلاؤها على القلب كما سبق في بيان اليقين من كتاب العلم ، وبقدر اليقين يخشع القلب ، ولذلك قالت عائشة : كان النبيّ صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم يحدّثنا ونحدّثه فإذا حضرت الصلاة فكأنّه لم يعرفنا ولم نعرفه . [1] وقد روي « أنّ اللَّه تعالى أوحى إلى موسى عليه السّلام يا موسى إذا ذكرتني فاذكرني وأنت تنتفض أعضاؤك ، وكن عند ذكري خاشعا مطمئنّا ، وإذا ذكرتني فاجعل لسانك من وراء قلبك ، وإذا قمت بين يديّ فقم قيام العبد الذليل وناجني بقلب وجل ولسان