responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المحجة البيضاء في تهذيب الأحياء نویسنده : الفيض الكاشاني    جلد : 1  صفحه : 258


مؤمنا ولا يجب عليه تعلَّم الأدلَّة الَّتي حرّرها المتكلَّمون ، بل مهما خطر في قلبه تصديق الحقّ بمجرّد الإيمان من غير دليل وبرهان فهو مؤمن ، ولم يكلَّف رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم العرب بأكثر من ذلك ، وعلى هذا الاعتقاد المجمل استمرار العرب وأكثر الناس إلا من وقع في بلدة يقرع سمعه فيها هذه المسائل كقدم الكلام وحدوثه ومعنى الاستواء والنزول وغيره فهو إن لم يأخذ ذلك بقلبه وبقي مشغولا بعبادته وعمله فلا حرج عليه ، وإن أخذ ذلك بقلبه فإنّما الواجب عليه ما اعتقده السلف يعتقد في القرآن الحدوث كما قال السلف : القرآن كلام اللَّه مخلوق ، ويعتقد أنّ الاستواء حقّ والإيمان به واجب والسؤال عنه مع الاستغناء عنه بدعة ، والكيفيّة غير معلومة ، ويؤمن بجميع ما جاء به الشرع إيمانا مجملا من غير بحث عن الحقيقة والكيفيّة ، وإن لم يعتقد ذلك وغلب على قلبه الشكّ والإشكال فإن أمكن إزالة الشك والإشكال بكلام قريب من الأفهام أزيل وإن لم يكن قويّا عند المتكلَّمين ولا مرضيّا ، فذلك كاف ولا حاجة إلى تحقيق الدليل فإنّ الدليل لا يتمّ إلا بذكر الشبهة والجواب ، ومهما ذكرت الشبهة لا يؤمن أن يتشبّث بالخاطر وانطبع فيظنّها حقّة لقصوره عن إدراك جوابها إذ الشبهة قد تكون جليّة والجواب دقيقا لا يحمل عقله ، ولهذا زجر السلف عن البحث والتفتيش وعن الكلام ، وإنّما زجروا ضعفاء العوامّ وأمّا أئمّة الدّين فلهم الخوض في غمرة الاشكالات ومنع العوام عن الكلام يجري مجرى منع الصبيان عن شاطئ الدجلة خوفا عن الغرق ، ورخصة الأقوياء فيه يضاهي رخصة الماهر في صنعة السباحة ، إلا أنّ ههنا موضع غرور ومزلَّة قدم ، وهو أنّ كلّ ضعيف في عقله يظنّ أنّه يقدر على إدراك الحقائق كلَّها وأنّه من جملة الأقوياء ، فربما يخوضون ويغرقون في بحر الجهالات من حيث لا يشعرون ، والصواب منع الخلق كلَّهم إلا الشاذّ النادر الَّذي لا تسمح الأعصار إلا بواحد منهم أو اثنين من تجاوز سلوك مسلك السلف في الإيمان المرسل والتصديق المجمل بكلّ ما أنزل اللَّه تعالى وأخبر به رسوله صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم فمن اشتغل في الخوض فيه فقد أوقع نفسه في شغل شاغل إذ قال رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله وسلم حيث رأى أصحابه يخوضون بعد أن غضب حتّى احمرّت وجنتاه : « أفبهذا أمرتم تضربون

258

نام کتاب : المحجة البيضاء في تهذيب الأحياء نویسنده : الفيض الكاشاني    جلد : 1  صفحه : 258
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست