responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المحجة البيضاء في تهذيب الأحياء نویسنده : الفيض الكاشاني    جلد : 1  صفحه : 256


ثمّ الفهم ، ثمّ الاعتقاد والإيقان والتصديق به ، وذلك ممّا يحصل في الصبيّ بغير برهان فمن فضل اللَّه سبحانه على قلب الإنسان شرحه في أوّل نشوئه للإيمان من غير حاجة إلى حجّة وبرهان وكيف ينكر ذلك وجميع عقائد العوام مباديها التلقين المجرّد والتعليم المحض ، نعم يكون الاعتقاد الحاصل بمجرّد التقليد غير خال عن نوع من الضعف في الابتداء على معنى أنّه يقبل الإزالة بنقيضه لو القي إليه ، ولا بدّ من تقويته وإثباته في نفس الصبيّ والعاميّ حتّى يترسّخ به ولا يتزلزل ، وليس الطريق في تقويته وإثباته أن يعلَّم صنعة الجدل والكلام بل يشغل بتلاوة القرآن وتفسيره وقراءة الحديث ومعانيه ويشغل بوظائف العبادات ، فلا يزال يقوي اعتقاده ويزداد رسوخا بما يقرع سمعه من أدلَّة القرآن وحججه ، وبما يرد عليه من شواهد الأحاديث وفوائدها ، وبما يسطع عليه من أنوار العبادات ووظائفها وما يسري إليه من مشاهدة الصالحين ومجالستهم ورؤية سيما هم وسيرتهم وهيئاتهم في الخضوع للَّه والخوف منه والاستكانة له ، فيكون أوّل التلقين كإلقاء بذر في الصدر ويكون هذه الأسباب كالسقي والتربية له حتّى ينمو ذلك البذر ويقوي ويرتفع شجرة طيّبة راسخة أصلها ثابت وفرعها في السماء ، وينبغي أن يحرس سمعه من الجدل والكلام غاية الحراسة فإنّ ما يشوّشه الجدل أكثر ممّا يمهّده ، وما يفسده أكثر ممّا يصلحه ، بل تقويته بالجدل يضاهي ضرب الشجرة بالمدقّة من الحديد رجاء تقويتها بأن يكثر أجزاؤها ، وربما يفتنها ذلك ويفسدها وهو الأغلب ، والمشاهدة تكفيك في هذا بيانا ، وناهيك بالعيان برهانا ، فقس عقيدة أهل الصلاح والتقى من عوام الناس بعقيدة المتكلَّمين والمتجادلين فترى اعتقاد العاميّ في الثبات كالطود الشامخ لا تحرّكه الدواهي والصواعق ، وعقيدة المتكلَّم الحارس واعتقاده بتقسيمات الجدل كخيط مرسل في الهواء تفيّئه الريح مرّة هكذا ومرّة هكذا إلا من سمع منهم دليل الاعتقاد فتلقّفه تقليدا كما تلقّف نفس الاعتقاد تقليدا ، ولا فرق بين التقليد في تعلَّم الدليل أو تعلَّم المدلول ، فتلقّن الدليل شيء والاستقلال بالنظر شيء آخر بعيد عنه ، ثمّ الصبيّ إذا وقع نشوؤه على هذه العقيدة إن اشتغل بكسب الدنيا لم ينفتح له غيرها ولكنّه سلم في الآخرة باعتقاد الحقّ إذ لم يكلَّف الشرع أجلاف العرف أكثر من التصديق الجزم

256

نام کتاب : المحجة البيضاء في تهذيب الأحياء نویسنده : الفيض الكاشاني    جلد : 1  صفحه : 256
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست