responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المحجة البيضاء في تهذيب الأحياء نویسنده : الفيض الكاشاني    جلد : 1  صفحه : 215


من دون استفادة ولا آلة وكلال ، لأنّ النقص والعجز والفاقة لا يليق بالربّ المتعال ، فهو جلّ اسمه سميع بغير أصمخة وآذان ، بصير لا بحدقة وأجفان كما أنّه سبحانه يفعل بغير جارحة ، ويتكلَّم بغير لسان ، كيف لا يكون سميعا بصيرا ؟ والسمع والبصر كمال ، فكيف يكون المخلوق أكمل من الخالق والمصنوع أشرف وأتمّ من الصانع ؟ وكيف يعتدل القسمة مهما وقع النقص في جنبه والكمال في خلقه وصنعته ؟ أو كيف يستقيم حجّة إبراهيم عليه السّلام على أبيه إذ كان يعبد الأصنام جهلا وعيّا فقال له : « لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا » [1] ولو انقلب عليه ذلك في معبوده لأصبحت حجّته داحضة ، ودلالته ساقطة ، ولم يصدق قوله تعالى : « وتلك حجّتنا آتيناهم إبراهيم على قومه » [2] تعالى ربّنا وتقدّس ، بل لا يحجب سمعه بعد ، ولا يدفع رؤيته ظلام ، لا يعزب عن علمه مسموع وإن خفي ، ولا مبصر وإن دقّ ، فيسمع السرّ والنجوى ، ويشاهد ما تحت الثرى ، ويعلم حركة الذرّ في جوّ الهواء ، ودبيب النملة السوداء على الصخرة الصمّاء في اللَّيلة الظلماء ، بل ما هو أدق من ذلك وأخفى ، ولا يعزب عن علمه مثقال ذرّة في الأرض ولا في السماء ، يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزّل من السماء وما يعرج فيها ، ويعلم ما في البرّ والبحر ، وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ، وما تخرج من ثمرة من أكمامها وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه ، يعلم ما تحمل من أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد وكلّ شيء عنده بمقدار ، عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال ، سواء منكم من أسرّ القول ومن جهر به ومن هو مستخف باللَّيل وسارب بالنهار ، [1] يطَّلع على هواجس الضمائر ، وحركات الخواطر ، لا يجري في الملك ولا في الملكوت شيء إلا عنده خبره ، يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ، ألا يعلم من خلق وهو اللَّطيف الخبير ، أرشدك إلى الاستدلال بالخلق على العلم لأنّك لا تستريب في دلالة الخلق اللَّطيف والصنع المزيّن بالترتيب ولو في الشيء الحقير اللَّطيف على علم الصانع بكيفيّة الترتيب والترصيف ، فما ذكره اللَّه سبحانه هو المنتهى في الهداية والتعريف .



[1] مريم : 42 .
[2] الانعام : 83 .
[1] من قوله : « ولا يعزب عن علمه مثقال » إلى هنا اقتباس من القرآن بتصرف ما .

215

نام کتاب : المحجة البيضاء في تهذيب الأحياء نویسنده : الفيض الكاشاني    جلد : 1  صفحه : 215
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست