responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المحجة البيضاء في تهذيب الأحياء نویسنده : الفيض الكاشاني    جلد : 1  صفحه : 205


والصالحون من أهل بيتك ، فإنّهم لم يدعوا أن نظروا لأنفسهم كما أنت ناظر ، وفكَّروا كما أنت مفكَّر ، ثمّ ردّهم آخر ذلك إلى الأخذ بما عرفوا والإمساك عمّا لم يكلَّفوا فإن أبت نفسك أن تقبل ذلك دون أن تعلم كما علموا فليكن طلبك ذلك بتفهّم وتعلَّم لا بتورّط الشبهات وعلوّ الخصومات ، وابدأ قبل نظرك في ذلك بالاستعانة بإلهك ، والرغبة إليه في توفيقك ، وترك كلّ شائبة أولجتك في شبهة [1] ، أو أسلمتك إلى ضلالة ، فإذا أيقنت أن قد صفى قلبك فخشع وتمّ رأيك واجتمع وكان همّك في ذلك همّا واحدا فانظر فيما فسّرت لك . وإن لم يجتمع لك ما تحبّ من نفسك وفراغ نظرك وفكرك فاعلم أنّك إنّما تخبط العشواء ، وتتوّرط الظلماء [2] ، وليس طالب الدين من خبط وخلط ، والإمساك عن ذلك أمثل .
فتفهّم يا بنيّ وصيّتي واعلم أنّ مالك الموت هو مالك الحياة ، وأنّ الخالق هو المميت ، وأنّ المفني هو المعيد ، وأنّ المبتلي هو المعافي ، وأنّ الدنيا لم تكن لتستقرّ إلا على ما جعله اللَّه عليه من النعماء ، والابتلاء ، والجزاء في المعاد ، وما شاء ممّا لا نعلم ، فإن أشكل عليك شيء من ذلك فاحمله على جهالتك به ، فإنّك أوّل ما خلقت كنت جاهلا ثمّ علمت ، وما أكثر ما تجهل من الأمر ويتحيّر فيه رأيك ، ويضلّ فيه بصرك ، ثمّ تبصره بعد ذلك ، فاعتصم بالَّذي خلقك ورزقك وسوّاك ، وليكن له تعبّدك وإليه رغبتك ومنه شفقتك .
واعلم يا بنيّ أنّ أحدا لم ينبئ عن اللَّه تعالى كما أنبأ عنه نبيّنا صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم فارض به رائدا [3] ، وإلى النجاة قائدا ، فإنّي لم آلك نصيحة ، وإنّك لم تبلغ في النظر لنفسك وإن اجتهدت مبلغ نظري لك - الحديث » [1] .
ولنقتصر في هذا الباب على ما ذكر ، واللَّه الموفّق .



[1] نهج البلاغة أبواب الكتب تحت رقم 31 .
[1] الشائبة هي ما يشوب الأمر من شك وحيرة . والايلاج : الادخال .
[2] العشواء : الضعيفة البصر ونصب على المصدر أي تخبط خبط العشواء فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه . وتورط الرجل في الأمر : دخل فيه على صعوبة ليس له التخلص منه .
[3] الرائد من ترسله في طلب الكلاء ليتعرف موقعه .

205

نام کتاب : المحجة البيضاء في تهذيب الأحياء نویسنده : الفيض الكاشاني    جلد : 1  صفحه : 205
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست