نام کتاب : المحجة البيضاء في تهذيب الأحياء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 1 صفحه : 188
العقل ونور الشرع ، ثمّ قال : « يهدي الله لنوره من يشاء » فجعلهما نورا واحدا فالعقل إذا فقد الشرع عجز عن أكثر الأمور كما عجز العين عند فقد النور . واعلم أنّ العقل بنفسه قليل الغنى لا يكاد يتوصّل إلا إلى معرفة كلَّيات الشيء دون جزئيّاته نحو أن يعلم جملة حسن اعتقاد الحقّ ، وقول الصدق ، وتعاطي الجميل ، وحسن استعمال المعدلة ، وملازمة العفّة ، ونحو ذلك من غير أن يعرف ذلك في شيء شيء ، والشرع يعرف كلَّيات الشيء وجزئيّاته ويبيّن ما الَّذي يجب أن يعتقد في شيء شيء ، وما الَّذي هو معدلة في شيء شيء ، ولا يعرف العقل مثلا أنّ لحم الخنزير والدّم والخمر محرّمة ، وأنّه يجب أن يتحاشى من تناول الطعام في وقت معلوم ، وأن لا ينكح ذوات المحارم ، وأن لا يجامع المرأة في حال الحيض ، فإنّ أشباه ذلك لا سبيل إليها إلا بالشرع ، فالشرع نظام الاعتقادات الصحيحة والأفعال المستقيمة والدالّ على مصالح الدّنيا والآخرة من عدل عنه فقد ضلّ سواء السبيل ، ولأجل أن لا سبيل للعقل إلى معرفة ذلك قال تعالى : « وما كنّا معذّبين حتّى نبعث رسولا » [1] وقال : « ولو أنّا أهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا ربّنا لو لا أرسلت إلينا رسولا فنتّبع آياتك من قبل أن نذلَّ ونخزى » [2] وإلى العقل والشرع أشار بالفضل والرحمة بقوله عزّ وجلّ : « ولو لا فضل الله عليكم ورحمته لاتّبعتم الشيطان إلا قليلا » [3] وعنى بالقليل المصطفين الأخيار . انتهى كلامه ويصدّقه ما روي عن أمير المؤمنين عليه السّلام : العقل عقلان * مطبوع ومسموع ولا ينفع مسموع * إذا لم يك مطبوع كمالا تنفع الشمس * ونور العين ممنوع وليعلم أنّ أصحاب العقل قليل جدّا كما قال اللَّه عزّ وجلّ : « ولكن أكثرهم لا يعقلون » [1] « ولكنّ أكثرهم لا يفقهون » [2] « أم تحسب أنّ أكثرهم يسمعون أو
[1] الاسراء : 15 . [2] طه : 134 . [3] النساء : 83 . [1] ليست هكذا في المصحف وفي سورة المائدة : 103 « وأكثرهم لا يعقلون » وفي العنكبوت : 63 « بل أكثرهم لا يعقلون * . [2] ليست في المصحف وينبغي أن يكون موضعها هذه الآية « بل كانوا لا يفقهون إلا قليلا » الفتح : 15 . ولعل ذلك من اشتباه النساخ .
188
نام کتاب : المحجة البيضاء في تهذيب الأحياء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 1 صفحه : 188