نام کتاب : المحجة البيضاء في تهذيب الأحياء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 1 صفحه : 146
التقرّب إليه واللَّه المستعان . قال أبو حامد - رحمه اللَّه - : « وهذه فتنة عظيمة للعلماء وذريعة صعبة للشيطان عليهم ، لا سيّما من له لهجة مقبولة وكلام حلو إذ لا يزال الشيطان يلقي إليه أنّ في وعظك لهم ودخولك عليهم ما يزجرهم عن الظلم ، ويقيم شعائر الشرع إلى أن يخيّل إليه أنّ الدخول عليهم من الدين ، ثمّ إذا دخل لم يلبث أن يتلطَّف في الكلام ويداهن ، ويخوض في الثناء والإطراء وفيه هلاك الدين ، وكان يقال : العلماء إذا علموا عملوا فإذا عملوا شغلوا ، فإذا شغلوا فقدوا ، فإذا فقدوا طلبوا ، فإذا طلبوا هربوا ، وكتب بعض الأمراء إلى بعض أهل العلم أمّا بعد فأشر عليّ بقوم أستعين بهم على أمر اللَّه تعالى . فكتب إليه أمّا أهل الدين فلن يريدوك وأمّا أهل الدنيا فلن تريدهم ولكن عليك بالأشراف فإنّهم يصونون شرفهم أن يدنّسوه بالخيانة . فإذا كان شرط أهل الدين الهرب من السلاطين فكيف يستتبّ طلبهم ومخالطتهم [1] . ومنها أن لا يكون متسارعا إلى الفتوى بل يكون متوقّفا ومحترزا ما وجد إلى الخلاص سبيلا ، فإن سئل عمّا يعلمه تحقيقا بنصّ كتاب اللَّه تعالى أو بنصّ حديث أو إجماع ثابت أفتى ، وإن سئل عمّا يشكّ فيه قال : لا أدري ، وإن سئل عمّا يظنّه باجتهاد وتخمين احتاط ودفع عن نفسه وأحال على غيره إن كان في غيره غنية ، هذا هو الحزم لأنّ تقلَّد خطر الاجتهاد عظيم وفي الخبر « العلم ثلاثة : كتاب ناطق ، وسنّة قائمة ، ولا أدري » [1] قال الشعبي : لا أدري نصف العلم . ومن سكت حيث لا يدري للَّه سبحانه فليس أقلّ أجرا ممّن نطق لأنّ الاعتراف بالجهل أشدّ على النفس وهكذا كانت عادة الصحابة والسلف . قال ابن مسعود - رضي اللَّه عنه - : إنّ الَّذي يفتي الناس في كلّ ما يستفتونه لمجنون [2] ، وقال : جنّة العالم لا أدري فإذا أخطأها أصيبت مقاتله . وقال إبراهيم
[1] رواه الخطيب في أسماء من روى عن مالك موقوفا على ابن عمر ولأبي داود وابن ماجة من حديث عبد اللَّه بن عمر مرفوعا نحوه مع اختلاف . ( المغني ) . [2] نقله ابن عبد البر في العلم كما في المختصر ص 125 . [1] استتب الأمر : استقام واطرد واستمر .
146
نام کتاب : المحجة البيضاء في تهذيب الأحياء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 1 صفحه : 146