نام کتاب : المحجة البيضاء في تهذيب الأحياء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 1 صفحه : 116
كما هو غاية المتكلَّم بل ذلك نوع يقين هو ثمرة نور يقذفه اللَّه تعالى في قلب عبد طهّر بالمجاهدة باطنه عن الخبائث ، وعلى الجملة فأشرف العلوم وغايتها معرفة اللَّه عزّ وجلّ وهو بحر لا يدرك منتهى غوره وأقصى درجات البشر رتبة الأنبياء صلوات اللَّه عليهم ثمّ الأولياء ثمّ الَّذين يلونهم ، وقد روي أنّه رئي صورة حكيمين من الحكماء المتعبّدين في مسجد وفي يد أحدهما رقعة وفيها « إن أحسنت كلّ شيء فلا تظنّنّ أنّك أحسنت شيئا حتّى تعرف اللَّه تعالى وتعلم أنّه مسبّب الأسباب وموجد الأشياء » ، وفي يد الآخر « كنت قبل أن أعرف اللَّه سبحانه أشرب وأظمأ حتّى إذا عرفته رويت بلا شرب » . السابعة أن يعرف السبب الَّذي به يدرك شرف العلوم وأنّ ذلك يراد به شيئان أحدهما شرف الثمرة والثاني وثاقة الدليل وقوّته ، وذلك كعلم الدين وعلم الطبّ ، فإنّ ثمرة أحدهما الحياة الأبديّة وثمرة الآخر الحياة الفانية ، فيكون علم الدّين أشرف ومثل علم الحساب وعلم الطبّ فإنّ الحساب أشرف لوثاقة أدلَّته وقوّتها وإذا نسب الحساب إلى الطبّ كان الطبّ أشرف باعتبار ثمرته والحساب أشرف باعتبار أدلَّته وملاحظة الثمرة أولى ولذلك كان الطبّ أشرف وإن كان أكثره بالتخمين وبهذا يتبيّن أنّ أشرف العلوم العلم باللَّه سبحانه وملائكته وكتبه ورسله والعلم بالطريق الموصل إلى هذه العلوم ، فإيّاك وأن ترغب إلا فيه وتحرض إلا عليه . الثامنة أن يكون قصد المتعلَّم في الحال تحلية باطنه وتجميله بالفضيلة وفي المآل القرب من اللَّه عزّ وجلّ والترقّي إلى جوار الملأ الأعلى من الملائكة والمقرّبين ، ولا يقصد به الرئاسة والمال ومماراة السفهاء ومباهات الأقران ، وإذا كان هذا مقصده طلب لا محالة الأقرب إلى مقصوده وهو علم الآخرة ، ومع هذا فلا ينبغي له أن ينظر بعين الحقارة إلى سائر العلوم أعني علم الفتاوي وعلم النحو واللَّغة المتعلَّقين بالكتاب والسنّة وغيرهما ممّا أوردناه في المقدّمات والمتمّمات من ضروب العلم الَّتي هي فرض كفاية ، ولا تفهمنّ من غلوّنا في الثناء على علم الآخرة تهجين هذه العلوم فالمتكفّلون بالعلوم كالمتكفّلين بالثغور والمرابطين لها والغزاة المجاهدون في سبيل اللَّه عزّ وجلّ ومنهم المقاتل ومنهم الردء ومنهم الَّذي يسقيهم الماء ومنهم الَّذي يحفظ دوابّهم ولا ينفكّ واحد منهم عن
116
نام کتاب : المحجة البيضاء في تهذيب الأحياء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 1 صفحه : 116