responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المحجة البيضاء في تهذيب الأحياء نویسنده : الفيض الكاشاني    جلد : 1  صفحه : 114


عمّا لم تبلغ رتبتك إلى فهمه مذموم ولذلك منع الخضر موسى عليهما السّلام من السؤال أي دع السؤال قبل أوانه ، فالمعلَّم أعلم بما أنت أهله وبأوان الكشف وما لم يدخل أوان الكشف في كلّ درجة من مراقي الدّرجات لا يدخل أوان السؤال عنه .
وقد قال عليّ عليه السّلام : « إنّ من حقّ العالم أن لا تكثر عليه بالسؤال ، ولا تعنّته في الجواب ، ولا تلحّ عليه إذا كسل ، ولا تأخذ بثوبه إذا نهض ، ولا تفش له سرّا ، ولا تغتابنّ عنده أحدا ، ولا تطلبنّ عثرته ، وإن زلّ قبلت معذرته ، وعليك أن توقّره وتعظَّمه للَّه ما دام يحفظ أمر اللَّه ، ولا تجلس أمامه ، وإن كانت له حاجة سبقت القوم إلى خدمته » [1] .
الرابعة أن يحترز الخائض في العلم في مبدء الأمر عن الإصغاء إلى اختلافات الناس سواء كان ما خاض فيه من علوم الدّنيا أو من الآخرة ، فإنّ ذلك يدهش عقله ، ويحيّر ذهنه ، ويفتر رأيه ، ويؤيسه عن الإدراك والاطَّلاع ، بل ينبغي أن يتقن أوّلا الطريقة الواحدة الحميدة المرضيّة عند أستاده ، ثمّ بعد ذلك يصغي إلى المذاهب والشبه ، وإن لم يكن أستاده مستقلا باختيار رأي واحد وإنّما عادته نقل المذاهب وما قيل فيها فليحترز منه فإنّ إضلاله أكثر من إرشاده ولا يصلح الأعمى لقود العميان وإرشادهم ، ومن هذا حاله فهو بعد في عمى الحيرة وتيه الجهل ، ومنع المبتدي عن الشبه يضاهي منع الحديث العهد بالإسلام عن مخالطة الكفّار ، وندب القويّ إلى النظر في الاختلافات يضاهي حثّ القويّ على مخالطة الكفّار ، ولذلك يمنع العاجز عن التهجّم على صفّ الكفّار ويندب الشجاع إلى ذلك ، ومن الغفلة عن هذه الدقيقة ظنّ بعض الضعفاء أنّ الاقتداء بالأقوياء فيما ينقل عنهم من المساهلات جائز ولم يدر أنّ وظائف الأقوياء تخالف وظائف الضعفاء ولذلك قال بعضهم : من رآني في البداية صار صدّيقا ومن رآني في النهاية صار زنديقا ، إذ النهاية تردّ الأعمال إلى الباطن وتسكَّن الجوارح إلا عن رواتب الفرائض فيتراءى إلى الناظر أنّها بطالة وكسل وإهمال وهيهات فذلك مرابطة للقلب في عين الشهود والحضور وملازمة للذّكر الَّذي هو أفضل الأعمال على الدّوام وبمثل



[1] أخرجه ابن عبد البر في العلم كما في المختصر ص 65 ، وروى نحوه الشيخ المفيد في الإرشاد ص 111 .

114

نام کتاب : المحجة البيضاء في تهذيب الأحياء نویسنده : الفيض الكاشاني    جلد : 1  صفحه : 114
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست